التفسير
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا).
تقدّم الكلام في هذا الخطاب الربوبي في سورة النساء ، وذكرنا أنّه يتضمّن كلّ معاني الإسلام والطاعة والإخلاص ، فهو يدلّ على عظيم شرف المؤمنين واستعدادهم لتلقي الفيض من العزيز العليم.
وافتتاح السورة به لبيان أنّ العمل بما ورد فيها يجعل الفرد مؤمنا مستسلما لله تعالى مطيعا له عزوجل.
ومن الجدير بالذكر أنّ هذا النداء يذكر في كلّ مورد يبيّن عزوجل حكما عمليّا ، أو شرطا من شروط الإيمان المطلوب ، أو ما يتعلّق بتهذيب النفس ومكارم الأخلاق ، وقد ذكرت جميع ذلك في هذه السورة المباركة.
قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ).
مادّة [وفي] تدلّ على أخذ الشيء وافيا والإتيان به تامّا لا نقص فيه ، وأوفينا الكلام في قوله تعالى : (بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) [سورة آل عمران ، الآية : ٧٦] ، وقوله تعالى : (وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [سورة آل عمران ، الآية : ١٨٥].
والوفاء بالعقد : هو حفظ ما يقتضيه العقد وإتيانه تامّا بالقيام لموجبه ، يقال : وفي ووفيّ وأوفى ، وجميعها وردت في القرآن الكريم ، قال تعالى : (وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى) [سورة النجم ، الآية : ٣٧] ، وقال تعالى : (وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ) [سورة الفتح ، الآية : ١٠] ، وقال تعالى : (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) [سورة الحج ، الآية : ٢٩].
ومادّة (عقد) تدلّ على الربط والشدّ محكما ، بحيث يصعب انفصال أحد الأطراف عن الآخر ، وتستعمل في الأمور المحسوسة ، كعقد الحبل وعقد البناء ، وغير المحسوسة كعقود المعاملات من البيع والإجارة والصلح ونحوها ، ومنها عقد