قوله تعالى : (وَأَنْتُمْ حُرُمٌ).
حال من الضمير في «محلي» ، وحرم ـ بضم الحاء والراء ـ جمع محرم ، وبكسر الراء الرجل يحرم للطواف حول البيت الشريف.
والمعنى : أحلت لكم بهيمة الأنعام في غير حال امتناعكم من الصيد وأنتم محرمون ؛ لئلا تقعوا في مشقّة وحرج. وقال بعضهم : إنّ المراد منه الدخول في الحرم ، يقال : أحرم دخل في الحرم ، فيحرم صيد الحرم ، ولكن التخصيص للصيد في حال الإحرام أولى.
وللقوم في تفسير الآية المباركة وجوه وأقوال لا تخلو من المناقشة ، بل هي بعيدة عن سياقها.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ).
أي : أنّ الله تعالى يقضي ما يريد من الأحكام حسب ما تقتضيه حكمته البالغة وعلمه الأتمّ ، ولو كان الحكم خلاف المعهود عند الناس.
و (يحكم) يتعدّى بالباء ، ولكن ضمن معنى يفعل فعدّى بنفسه.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ).
خطاب مجدّد للمؤمنين تشريفا لهم وتكريما بهم وتعقيبا لما بيّنه عزوجل ـ من حرمة إحلال الصيد في حال الإحرام الّتي هي من شعائر الحجّ ـ ذكر تعالى النهي عن إحلال سائر الشعائر ، وفيه التأكيد على شدّة العناية بحرمات الله تعالى وتهويل الأمر في إحلالها.
والإحلال : الإباحة بغير مبالاة بمنزلة المأتي به وحرمته في الدين ، وهتك كلّ شعيرة إنّما يكون بحسبها ، فإحلال شعائر الله تعالى هو عدم احترامها والتهاون بها وإباحة العمل لها ، وإحلال الشهر الحرام عدم حفظ حرمته بالقتال بعد ما منع القتال فيه.
والشعائر : جمع شعيرة على وزن فعيلة ، وهي ما جعله الله تعالى شعائر الدين ومعلما من معالمه كشعائر الحج وغيرها ، وتقدّم الكلام في اشتقاق هذه الكلمة في قوله تعالى : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ) [سورة البقرة ، الآية : ١٥٨] ، وفي