الحديث أنّ جبريل عليهالسلام قال له : «مر أمتك حتّى يرفعوا أصواتهم بالتلبية ، فإنّها من شعائر الحج» ، ومنه إشعار البدن ، أن يجعل لها علامة من شقّ أحد جنبي سنام البدنة حتّى يسيل دمها.
وإضافتها الى الله تعالى في الآية المباركة لتشريفها وتهويل الخطب في إحلالها.
والمعنى : يا أيها الّذين آمنوا لا تتهاونوا بحرمات الله عزوجل وتهتكوا شعائر الله تعالى فتجعلوها حلالا تعملون فيها كما تشاؤن. وخصّ بعض المفسّرين الآية الكريمة بشعائر الحجّ ، ولكنه تخصيص لها بغير دليل.
قوله تعالى : (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ).
أي : ولا تستحلّوها بالقتال والغارة وهما محرمان عليكم ، وأشهر الحرم في الإسلام أربعة ، واحد فرد وهو شهر رجب ، وثلاثة سرد وهي ذو القعدة ، وذو الحجّة ، والمحرم الحرام. وإفراده في المقام لإرادة الجنس.
قوله تعالى : (وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ).
أي : ولا تحلّوها ، والهدي واحدة هديّة. والمراد بها ما يساق للحجّ من الغنم ، والبقر ، والإبل.
والقلائد جمع قلادة ، وهي ما يقلّد به الهدي من نعل ونحوها ؛ ليعلم أنّه هدي فلا يتعرّض له ، وهي سنّة إبراهيميّة بقيت حتّى الإسلام. وإحلالهما هو عدم التعرّض لهما بالغصب والمنع من دخول محلّه.
والتعرّض لنفس القلائد مبالغة في النهي عن التعرّض لذواتها ، كما قوله تعالى : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَ) [سورة النور ، الآية : ٣١] ، فإنّ النهي عن إظهار الزينة نهي عن إظهار محلّها بالأولى.
وإنّما خصّهما بالذكر تعظيما لهما ولكونهما من شعائر الحجّ ، فتعظيمهما يكون تعظيما له ، كما أنّ ذكر الخاصّ (القلائد) بعد العامّ (الهدي) ؛ للتنبيه على فضلها وشرفها.