والإثم معروف ، وهو كلّ ظلم ومعصية ، والعدوان هو التعدّي على حقوق الناس ومجاوزة حدود الله تعالى مطلقا ، وهما من أهمّ العوائق الّتي تصدّ عن السعادة والكمال ، سواء أكان فرديا أم اجتماعيّا ، وتورث الشقاء والحرمان ، وبهما يزول الوئام ويختلّ النظام ، وتسود روح الانتقام بين الأنام ، فيفسد الضمائر وينطمس نور الفطرة وتخور داعية العقل ، فلا يأمن أحد على نفسه أو عرضه أو ماله ، ولا يكون العيش إلّا نكدا والحياة إلّا برما.
قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ).
تأكيد آخر على مراعاة حدود الله تعالى ومراقبته في جميع الأمور ، ومنها اتّقاء مخالفته في أوامره ونواهيه الّتي ذكرت آنفا. وفيه الدلالة على أنّ الغرض من جميع التشريعات والتوجيهات الربوبيّة هو تحصيل هذه الملكة ، فإنّها الغاية القصوى من الشرائع السماويّة ـ خصوصا الإسلام ـ وبدونها لا يمكن تحصيل الهدف المنشود منها ، فهي روح تلك الأحكام الإلهيّة.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ).
تعليل لما سبق وبيان لعظيم قدرته ، أي : أنّ من أعرض عن تلك الأحكام ، فيستحقّ عقابه وهو شديد العقاب ، فإنّ انتقامه أشدّ لمن لم يتقه ولم يراع سنّته في خلقه.
بحوث المقام
بحث أدبي
الآيات الشريفة المتقدّمة بإيجازها البليغ واسلوبها البديع ممّا جعلتها في أعلى درجات الفصاحة ، فقد تضمّنت خمسة أحكام مهمّة لها دخل كبير في حياة الإنسان الفرديّة والاجتماعيّة ، الدنيويّة والاخرويّة ، وتعتبر قواعد عامّة يتفرّع منها فروع كثيرة ذكرها الفقهاء في كتبهم الفقهيّة.