ما تصحّ الشهادة به كالقتل ، فلا يعتبر فيها القصد في خصوص الشهادة ولا الاستشهاد ، لوجود المقتضي وفقد المانع وأصالة البراءة عن شرطية الاستدعاء والاستشهاد بعد توفّر سائر الشروط كالعدالة وغيرها ، وهناك فروع ذكرناها في كتاب الشهادات من (مهذب الأحكام) ـ ومن شاء فليرجع إليه ـ. والفرق بين الإقرار والشهادة أنّ الأوّل إخبار بما يرجع إلى نفس المخبر ، والشهادة إخبار على الغير بما علم به بالحضور فيه ، كما ذكرنا في محلّه.
بحث عرفاني
الإخلاء عن العيوب الكائنة في الباطن ونبذ الصفات الذميمة عن النفس يعبّر عنه في العرفان ب (التخلية) ، وعن بعضهم : أن السعي إلى إزالة ما بطن فيك من العيوب خير من السعي إلى ما حجب عنك من الغيوب. والسرّ في ذلك أنّها بمنزلة الإعداد لها ، فهي تطهير القلب الّذي هو السبب للحياة الأبديّة للنفس. وأنّ العيوب الباطنيّة مانعة عن رقي النفس ، فهي موجبة هلاكها. وأنّ الفيوضات الإلهيّة لا تفاض على الإنسان إلّا بعد التخلية.
ومن هنا قالوا : إنّ الحقّ ليس بمحجوب إنّما المحجوب أنت عن النظر إليه ؛ لأنّ الحقّ محال في حقّه الحجاب ، قال تعالى : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [سورة الحديد ، الآية : ٣] ، وقال تعالى : (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ) [سورة الأنعام ، الآية : ٦١] ، وغيرهما من الآيات المباركة.
وعن بعضهم : أنّ الأوصاف البشريّة تناقض خلوص العبوديّة. والمراد من الأوصاف العيوب الكائنة في نفس البشريّة الّتي تحصل من متابعة الهوى بإغواء الشيطان بالبعد عن الحقّ وإراءة الواقع غير ما هو عليه بالأوهام ، وقد يوجب الأوهام الحجب عن الحقّ تعالى ، والوهم أمر عدمي وسراب محض لا حقيقة له أصلا.