وفي تفسير القمّي في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) قال : «الشعائر : الإحرام ، والطواف ، والصلاة في مقام إبراهيم عليهالسلام والسعي بين الصفا والمروة ، والمناسك كلّها من شعائر الله ، ومن الشعائر إذا ساق الرجل بدنة في حجّ ثمّ أشعرها ـ أي قطع سنامها أو جلدها أو قلّدها ليعلم الناس أنّها هدي فلا يتعرّض لها أحد ـ وإنّما سمّيت الشعائر ليشعر الناس بها فيعرفوها ، وقوله : (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ) وهو ذو الحجّة وهو من الأشهر الحرم ، وقوله : (وَلَا الْهَدْيَ) وهو الّذي يسوقه إذا أحرم المحرم ، وقوله : (وَلَا الْقَلائِدَ) ، قال : يقلّدها النعل الّتي قد صلّى فيها ، وقوله : (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) قال : الّذين يحجّون البيت».
أقول : الشعائر هي المعالم الّتي أمر الله عزوجل بالقيام عليها أو ندب إليها ، فتشمل شعائر الحجّ مطلقا كالتلبية والوقوف ، والطواف ، والرمي ، والذبح وغيرها ، كما تشمل الصلاة أيضا يقال إنّها من شعائر العبادة والخضوع لله جلّ شأنه ، والشعائر جمع شعيرة كما تقدّم.
وفي المجمع للطبرسي : «قال أبو جعفر عليهالسلام : نزلت هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) في رجل من بني ربيعة يقال له الحطم» ونقل عن السدي أنّه قال : «أقبل الحطم ابن هند البكري حتّى أتى النبي صلىاللهعليهوآله فدعاه فقال : إلام تدعو؟ فأخبره وقد كان النبي صلىاللهعليهوآله قال لأصحابه : يدخل عليكم اليوم رجل من ربيعة يتكلّم بلسان شيطان ، فلما أخبره النبي صلىاللهعليهوآله قال : انظرني لعلّي أسلم ولي من أشاوره ، فخرج من عنده فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لقد دخل بوجه كافر وخرج بعقب غادر ، فمرّ بسرح من سروح المدينة فساقه ثمّ أقبل من عام قابل حاجّا قد قلّد هديا ، فأراد رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يبعث إليه فنزلت هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) ، فقال ناس من أصحابه : يا رسول الله ، خلّ بيننا وبينه فإنّه صاحبنا ، قال صلىاللهعليهوآله : إنّه قد قلّد! قالوا : إنّما هو شيء كنّا نصنعه في الجاهليّة ، فأبى عليهم فنزلت الآية فانتهى القوم».