وكيف كان ، فما ذكر في سبب النزول كلّه من باب الجري والتطبيق.
وعن البيهقي في شعب الإيمان عن النواس قال : «سئل رسول الله صلىاللهعليهوآله عن البرّ والإثم في قوله تعالى : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) ، فقال : ما حاك في نفسك فدعه ، قال : فما الإيمان؟ قال : من ساءته سيئته وسرّته حسنته ، فهو مؤمن».
أقول : المراد من صدر الرواية ـ مع قطع النظر عن سندها ـ ما كان في قلبك من الشكّ والريب وكرهت أن يطّلع عليه الناس فدعه.
وفي الحديث عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «البرّ حسن الخلق ، والإثم ما حك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس».
أقول : للبرّ مراتب أسماها حسن الخلق الّذي هو من غر الصفات الحميدة ، وإنّ الأديان السماويّة كلّها نزلت لأجل غرس أسسه وتشييد أركانه.
وفي الدرّ المنثور عن البخاري في تأريخه عن وابصة قال : «أتيت رسول الله صلىاللهعليهوآله وأنا لا أريد أن ادع شيئا من البرّ والإثم إلّا سألته عنه ، فقال لي : يا وابصة أخبرك عمّا جئت تسأل عنه أم تسأل؟ قلت : يا رسول الله أخبرني! قال : جئت لتسأل عن البرّ والإثم ، ثمّ جمع أصابعه الثلاث فجعل ينكت بها صدري ويقول : يا وابصة استفت قلبك استفت نفسك ، البرّ ما اطمأن إليه القلب واطمأنت إليه النفس ، والإثم ما حاك في القلب وتردّد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك».
أقول : لعلّ تنكيته صلىاللهعليهوآله لأجل التفاته وتوجّهه لمقاله صلىاللهعليهوآله بارجاعه الى الفطرة ، وإنّ كلّ ما قبلته الفطرة من الصفات فهو من البرّ ، وما نبذته أو شكّ فيه فهو من الإثم ، والله العالم.
بحث فقهي
تدلّ الآيات المباركة على قواعد فقهيّة متينة ترتبط بالحياة الفرديّة