والاجتماعيّة قد كثر الابتلاء بها وتمسّك الفقهاء بها في أكثر أبواب الفقه ، خصوصا في المعاملات :
الاولى : قاعدة : «الوفاء بالعقود مطلقا إلّا ما أخرجه الدليل ، وهي قاعدة قيّمة ، وركيزة في التجارات ، وعبّروا عنها ب «أصالة اللزوم في العقود ، إلّا إذا دلّ دليل على الخلاف» ، ولا جدوى في اختلاف التعبير هنا.
ومعنى القاعدة أنّ كلّ عقد جامع للشروط المعتبرة ـ في العقد والعاقد والعوضين ـ لو تحقّق في الخارج يكون ثابتا ودائما لا يجوز حلّه مطلقا ، إلّا بسلطة الشرع كما في مورد الخيارات ، أو برضاء الطرفين الجامعين للشرائط الشرعيّة كما في مورد الإقالة.
بل يمكن أن يقال : إنّ كلّ إنشاء جامع للشرائط ـ عقدا كان أو إيقاعا حتّى لو كان مبايعة مع أوليائه تعالى ـ يجب الالتزام بمضمونه مطلقا ولا يجوز نقضه اختيارا ، إلّا إذا ورد ترخيص من الشرع في ذلك ، وما ورد في الآية الكريمة من العقود إنّما هو من باب ذكر الغالب لا التقييد. فتأمّل.
ولا فرق في العقد بين أن يكون خلقيّا كأغلب العقود مثل البيع والإجارة وغيرهما ، أو خالقيّا كالنذور والصدقات ، أو مشوبا به كالنكاح ، وكذا في الإيقاعات كالطلاق والعتق.
واستدلّ للقاعدة بالأدلّة الأربعة : فمن الكتاب آيات :
منها : قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ، فاللزوم وإن كان حكما وضعيّا ، ولكن منشأه الأمر التشريعي أو التقريري ، وإطلاقه يشمل كلّ عقد وعهد ، الجامعين للشرائط العقلائيّة ، في كلّ زمان ، أي : أنّ وجوب الوفاء استمراري في جميع اللحظات الزمانيّة ، كما يشمل كلّ عاقد وأي نوع من أنواع الثمن أو المثمن.
ومنها : قوله تعالى : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ) [سورة النحل ، الآية : ٩١] ، وعهد الله هو ما شرّعه تعالى ـ عقدا كان أو إيقاعا منوطا بقصد القربة كالعبادات ، أو لم يكن كذلك كالمعاملات ـ وهو في مقابل عهد الشيطان ، أي : العهود الّتي فيها مفسدة كشف الشارع عنها بنهيه ، فكلّ عهد صدر من الخلق هو من عهد