الله تعالى ما لم يرد فيه نهي منه سبحانه ، إذ أنّ التشريعيّات كالتكوينيّات ترجع إليه جلّ شأنه ، وقد خصّصت الآية المباركة بموارد بيّنتها السنّة الشريفة.
ومنها : قوله تعالى : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) [سورة الإنسان ، الآية : ٧] ، الّذي هو في مقام الإنشاء والتشريع بقرينة قوله تعالى : (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) [سورة الحج ، الآية : ٢٩] ، وذكر النذر ليس من باب التخصيص والتقييد ، وإنّما هو من باب ذكر أحد الأفراد للعقد بقرينة ما تقدّم.
ومن السنّة روايات كثيرة ، منها : قوله صلىاللهعليهوآله : «البيعان بالخيار ما لم يفترقا» ، فيستفاد منه أنّ الخيار حكم عارضي للعقد محدّد بزمان خاصّ ، وإلّا فإنّ من ذات العقد اللزوم ، ولولا ذلك لم يكن معنى ل (جعل الخيار) إلّا بنوع من التجوّز ، وهو خلاف الظاهر ، كما ذكرنا في كتابنا (مهذب الأحكام) ما يتعلّق بذلك.
ومنها : قوله صلىاللهعليهوآله : «الناس مسلّطون على أموالهم» ، فبعد انتقال السلطنة بالعقد حلّها ـ أو هدمها ـ لا يجوز إلّا برضاء الطرفين ، وقد استفيدت من هذه الرواية قاعدة اخرى ، وقد عبّر عنها ب «قاعدة السلطنة» ، وهي تدعم قاعدة «الوفاء بالعقود» ، وسيأتي البحث عن مقدار دلالتها في المورد المناسب إن شاء الله تعالى.
ومنها : قوله صلىاللهعليهوآله : «لا يحلّ مال امرئ مسلم إلّا بطيب نفسه» ، فجعل المناط في الحليّة طيب النفس ، وليس هذا إلّا اللزوم ، فحلّ العقد من طرف واحد لا يتحقّق فيه طيب النفس ، فلا يحلّ المال.
وهناك روايات اخرى ذكرت في المفصّلات ، فمن شاء فليراجع إليها.
ومن الإجماع ما ادّعاه غير واحد من أساطين الفقهاء ، بل عدّ ذلك من المسلّمات الفقهيّة.
ومن العقل اتّفاق العقلاء كافّة على قبح نقض العهد أو حلّ العقد من طرف واحد بلا رضا الطرف الآخر ، وعدّ ذلك عندهم غدرا وهو مذموم عقلا وشرعا ففي الحديث عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «لكلّ غادر لواء يوم القيامة يعرف به».
وهذه القاعدة من القواعد الّتي لم تنلها يد الخلاف كثيرا ؛ لكونها عقلائيّة