وهذه القاعدة كما تجري في العقود التمليكيّة كذلك تجري في العقود الإذنيّة ، إلّا أنّ الشارع حكم فيها بالجواز كالوكالة والوديعة ، ولا شكّ أنّ الأدلّة الخاصّة ـ لفظيّة كانت أو لبيّة ـ حاكمة عليها كما ثبت ذلك في علم الأصول.
أو نقول : إنّ الجواز في العقود الإذنيّة من مقتضيات ذواتها ؛ تمسّكا بقاعدة «السلطنة» ، فإنّ الناس يأذنون لمن شاؤوا بما شاؤوا ، فلا يكون الجواز لدليل خاصّ ، وإنّ ما ورد يكون إرشادا لما عرفت.
وعلى أي حال أنّ الخروج في العقود الإذنيّة إمّا خروج حكمي أو موضوعي ، فقاعدة اللزوم لا تجري فيها إلّا إذا ورد دليل خاصّ على اللزوم فيها ، فتأمّل.
الثانية : قاعدة كلّية تختصّ باللحوم من الأطعمة ، وهي : «كلّ ما في الأنعام يحلّ أكله بعد التذكية ، إلّا ما خرج بالدليل» ، ويلحق بالأنعام الحيوانات المحلّلة شرعا كالظبي ، والطيور ، والأسماك ، فتعميم القاعدة تكون من هذه الجهة.
واستندت القاعدة على الأدلّة الأربعة ، فمن الكتاب آيات كثيرة :
منها : قوله تعالى : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) ، فإطلاقها يشمل جميع أجزاء الحيوان إلّا ما أخرجه الدليل أو الاستثناء في الآية الكريمة ، كما يأتي.
ومنها : قوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) ، فإنّ الأمر فيها للرخصة لا للوجوب ، وإطلاقه يشمل القاعدة ، وهناك آيات كريمة اخرى يأتي الاستدلال بها في محالها.
ومن السنّة الشريفة روايات كثيرة ، منها : معتبرة داود بن فرقد عن الصادق عليهالسلام : «كلّ شيء لحمه حلال فجميع ما كان منه ـ من لبن أو بيض أو انفحة ـ كلّ ذلك حلال طيب» ، وذكر الثلاثة ليست من باب الحصر ، وإنّما يكون من باب الغالب ، وأنّها لا تحلّ الحياة كما هو واضح ، وقريب منها غيرها ، وتدلّ على هذه القاعدة : «قاعدة الحلية في الأشياء» أيضا ، وسيأتي في المورد المناسب البحث عنها.
ومن الإجماع ، فهو ممّا لا شكّ فيه كما عبّر في كلمات جمع من الفقهاء.