وذهب جماعة منهم الشيخ أنّه لا يجوز قتل الصيد وهو يؤم الحرم ولم يدخل فيه ، وتمسّكوا بإطلاق قوله تعالى : (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) وبجملة من الأخبار.
ولكن الأخبار معارضة بأخبار اخرى ، فالحمل على الكراهة طريق الجمع بينهما كما ذهب إليه المشهور ، وكذا الاصطياد في حرم الحرم ، وهو يريد من كلّ جانب. نعم احترام حدود حرم الله تعالى لازم عقلا ولكن إثبات الحكم الشرعي بما تقدّم مشكل.
السادسة : تدلّ الآية المباركة : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا) على قاعده كلية ، وهي : «عدم جواز الاعتداء على الأشخاص الّذين ينقضون عهد الله ويصدّون المؤمنين من إقامة شعائر الدين» ، وأنّ الانتقام منهم لأجل نقض عهد الله تعالى نحو اعتداء ولا يقبل الشارع به. نعم لو استلزم ذلك جناية على شخص أو على امور عامّة للمسلمين ، فالضمان أو القصاص كما حكم به الشرع ، وتدلّ عليها روايات كثيرة مذكورة في الأبواب المتفرّقة ، وسيأتي في قوله تعالى : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) [سورة الإسراء ، الآية : ١٥] ما يتعلّق بالمقام.
السابعة : تدلّ الآية المباركة : (وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) قاعدة عامّة ، وهي : «قاعدة حرمة الإعانة على الإثم» ، كما أنّ صدرها : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى) تدلّ على قاعدة اخرى ، وهي : «حسن الإعانة على كلّ خير وبرّ ، فالآية الكريمة بصدرها وذيلها تدلّ على قاعدتين عامّتين مهمّتين ، والروايات الواردة فيهما فوق حدّ الإحصاء ، قال الصادق عليهالسلام في المعتبر : «وليعن بعضكم بعضا ، فإنّ أبانا رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يقول : إنّ معونة المسلم خير وأعظم أجرا من صيام شهر واعتكافه في المسجد الحرام».
وقال عليهالسلام : «عونك الضعيف من أفضل الصدقة».
وعنه عليهالسلام : «الله في عون المؤمن ما دام المؤمن في عون أخيه» ، الى غير ذلك