من الروايات. فإعانة المؤمن من حيث هي راجحة ومندوبة ، وقد يعرض عليها الوجوب لأجل عناوين اخرى.
ولا شكّ في أن ذلك هو المتسالم عليه عند الفقهاء ، بل إنّ مقتضى المرتكزات والفطرة حسن المعاونة على البرّ والخير وقبح الإعانة على الشرّ والقبيح ، وأنّ الآيات المباركة والسنّة الشريفة إرشاد إليهما.
ولا يخفى أنّ الإعانة المبحوث عنها ـ سواء أكانت راجحة أم مرجوحة ـ ما إذا انحصرت جهة الراجحيّة أو المرجوحيّة في مجرّد الإعانة من حيث هي ، لا ما إذا كان المعان بها بذاته راجحا أو مرجوحا ، فإعانة الظلمة بنفسها محرّمة في الشريعة مثل قبول الرشوة ، أو الإعانة على الصدقة بنفسها راجحة يثاب كلّ يد وإن تجاوز الى سبعين ، كما في بعض الروايات.
ثمّ إنّ الإعانة بكلا قسميها تتصوّر على وجوه تبلغ عشرة ، ذكرناها في كتاب (مهذب الأحكام) مفصّلا ، فمن شاء فليرجع إليه.
وتقوم الإعانة بأمور :
الأوّل : العلم بتحقّق المعان عليه ، فإذا لم يعلم لم تتحقّق الإعانة.
الثاني : القصد في الجملة ولو كان حاصلا من العلم ، سواء قصد التوصّل أم قصد غير ذلك.
الثالث : تحقّق الفعل خارجا ، ولا فرق في ما ذكرنا بين الإعانة الراجحة أو المرجوحة.
وأمّا قاعدة : «حرمة الإعانة على الإثم» فتدلّ عليها ـ مضافا إلى ما مرّ ـ روايات كثيرة ، منها ما عن جعفر بن محمد عليهماالسلام في الصحيح : «من أعان ظالما على مظلوم ، لم يزل الله ساخطا عليه حتّى ينتزع عن معونته».
وعنه عليهالسلام : «العامل بالظلم ، والمعين له ، والراضي به ، شركاء ثلاثتهم» ، وتقدّم مكرّرا أنّ المناهي الشرعيّة مطلقا ظلم.
ولا بدّ من إحراز عنوان الإعانة للحرام من القصد ، والتحقّق ، والعلم كما مرّ ،