بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى) [سورة طه ، الآية : ١٦] ، وقال تعالى مخاطبا نبيّه صلىاللهعليهوآله :(وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) [سورة الكهف ، الآية : ٢٨] ، وقال تعالى كذلك : (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [سورة القصص ، الآية : ٥٠] ، وقال تعالى : (وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى) [سورة النازعات ، الآية : ٤١].
ولعلّ قوله تعالى : (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) يشير إلى ذلك ، أي التحلّي بأسمى صفاته ومظاهر أسمائه وهو العدل ، فيستلزم ذلك التخلّي عن المساوئ والمفاسد والبعد عن أخلاق الشياطين كالكبر ، والحسد ، والحقد ، والغضب ، وكتمان الشهادة ، والحدّة والبطر والأشر وغيرها ، ولأجل ذلك أتى عزوجل بصيغة المبالغة (قوامين) الدالّة على الشدّة وتهويل الأمر والتحمّل مع التعب والمشقّة.
كما يحتمل أن يكون قوله تعالى : (شُهَداءَ لِلَّهِ) أي : شهداء لله وفي الله ، غائبين عن وجودكم في شهوده بالوحدة ، وهذا مقام أخصّ الخواصّ ، لا شهداء لله الحاضرين مع الله بالفردانيّة ، وإن كان ذلك مقاما ساميا أيضا وهو مقام الخواصّ ، فضلا عن الشهادة بالتوحيد وهو أوّل اصول الدين ، وإن كان صحيحا إلّا أنّه يختصّ بعوام المؤمنين.
وبعبارة اخرى : تحصيل المعرفة والشهود بالوحدانيّة تارة ، يكون بالدليل والبرهان ، فهذا معرفة العوام ؛ لعدم التقليد في اصول الدين.
واخرى : بالمشاهدة والعيان ، وهذا معرفة الخواص ، وهي من أجلّ المقامات.
وثالثة : بالفناء عن ما سوى الرحمن ، وهذا معرفة أخصّ الخواص.
وكذا الشهادة لله فتارة : تكون سمعيّة ، واخرى : عينيّة ، وثالثة : فنائيّة بعد رفع حجب الأنانيّة عن النفس وإزالة الأغيار عنها بالتجريد ، فإنّ الشهادة لو كانت على النفس لإحقاق الحقّ بإيصاله لأهله وكانت لله تعالى ، استلزمت اضمحلال الأنانيّة والتطهير من الذنوب ، خصوصا لو كانت مخالفة للهوى ، وكذا لو كانت على