التسليم والرضا بعد الخلع بالبعد عن مساوئ نفوسكم الّتي هي الأغيار في جنوبكم ، أو لا تمنعكم الصفات الذميمة في غيركم ـ الّذين هم في زيّ الصادقين وعملهم عمل المعرضين ـ عن إصلاح سرائركم وتنوير قلوبكم والنيل بالأحبّة والفوز بمقام الخلّة بالتحلّي بصفات الغرّة ، وقال شاعرهم :
أمّا الخيام فإنّها كخيامهم |
|
وأرى نساء الحي غير نسائها |
لا والّذي حجّت قريش بيته |
|
مستقبلين الركن من بطحائها |
ما أبصرت عيني خيام قبيلة |
|
إلّا بكيت أحبّتي بفنائها |
قال تعالى : (لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ) [سورة الأحزاب ، الآية : ٨] ، فإذا سأل الصادقين عن صدقهم أيترك المدّعين من غير سؤال؟! فإنّ البعد عن الحقّ والحقيقة ، والنيل من العزّ بذلّ العبوديّة بالأهواء ظلم واعتداء ؛ لأن الادّعاء أعمّ من الواقع والحقيقة ، فلا تحملنّكم الصفات الذميمة على الاعتداء بالهبوط عن رفيع المقام وأسمى المنزلة أشرف الملكات الّتي هيّأها الله تعالى لكم.
وإنّ المراد من قوله تعالى : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) أنّ كلّ ما يشغل القلب عن ما سواه ويمنع عن الوصول الى الحقّ والحقيقة ، فدفعه إعانة على البرّ ، ولا يمكن دفع ذلك إلّا بواسطة الشرع المبين. وأنّ تمكين حبّ الدنيا في النفس ، وتكدير الروح بعد صفائها ، وتسويد القلوب بعد جلائها هي من الإعانة على الإثم ، (وَاتَّقُوا اللهَ) في جميع الحالات ، وفي كلّ الأمور وعند كلّ مقام ، ومنزلة ف (إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) فاتّقوه حتّى تنجوا من عقابه الشديد وعذابه المديدة ، فمن عقابه عدم الوصول الى تلك المنازل ، ومن عذابه عدم نيل رضاه ، وعدم الظفر بالحقّ والحقيقة. والله العاصم من الزلل والخطأ.
بحث اجتماعي
الاجتماع ـ الّذي يحتاجه الإنسان بل هو قوام حياته ؛ لأنّ المودّة والمواصلة