(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣))
بعد ما أحلّ سبحانه وتعالى بهيمة الأنعام وأسّس قواعد النظام العامّ ، وأمر بالتعاون لحفظ الاجتماع من الضياع وتحقيق السعادة ، ذكر تعالى في هذه الآية الشريفة الأمور الّتي استثناها آنفا من الحكم العامّ ممّا وعد بتلاوتها في القرآن الكريم ، وهي عشرة أشياء ، وأحلّها في حال الاضطرار والمخمصة.
ثمّ بيّن عزوجل أنّ هذا الدين قد كمل بتشريع أحكامه وتأسيس دعائمه وأركانه ، فأخبر سبحانه وتعالى بأنّه قد أتمّ نعمته على المؤمنين أن نصّب عليهم من يحفظ لهم دينهم ويقيم شعائره وأحكامه ، فرضي لهم الإسلام دينا ومنهجا قويما ليس له بديل ، بل لا يسعهم غيره ؛ لأنّه لم ينقصه شيء فليطمئن المؤمنون بأنّه لا يصيب هذا الدين أذى من أعدائه ـ الّذين ما برحوا في تقويض أركانه وهدم كيانه ـ فلا تخشوهم ، بل لا بدّ أن تكون الخشية من الله العزيز المتعال باتّباع تعاليمه وطاعة من نصبه عزوجل هاديا لهم يهديهم بأمره جلّ شأنه ، فإنّ الله غفور رحيم ، يغفر لهم ذنوبهم ويرحمهم برحمته ، فيدفع عنهم كيد الأعداء وصوارف الزمان ودواهي الأشرار والفجّار.