بعيدا عن النصب ، بخلاف ما ذبح على النصب ، فإنّه لا بدّ وأن يذبح على الأحجار المخصوصة تقرّبا لأوثانهم.
قوله تعالى : (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ).
عطف على ما قبله ، أي : وحرّم عليكم الاستقسام ، وهو من القسم ، أي : إفراز النصيب ، يقال : قسّمت كذا قسما وقسمة ، ومنه قسمة الغنيمة وقسمة الميراث ، قال تعالى : (لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) [سورة الحجر ، الآية : ٤٤] ، وقال تعالى : (وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ) [سورة القمر ، الآية : ٢٨] ، والاستقسام هو طلب القسمة بالأزلام الّتي هي آلات خاصّة لهذا الفعل كما كانوا يفعلون في الجاهليّة.
والأزلام جمع زلم محرّكة ، كجمل أو كصرد (بضم ففتح) ، وهي القداح الّتي لا ريش لها.
والاستسقام بالأزلام في المقام هو طلب النصيب من الجزور بضرب القداح ، وذلك أنّهم كانوا يعمدون على الجزور فيجزئونه عشرة أجزاء ثمّ يجمعون عليه فيخرجون السهام فيدفعونها الى رجل.
والسهام : عشرة ، سبعة منها فيها حظوظ ، وثلاثة أغفال لا أنصباء لها (خال من الكتابة) ، وكانوا يضربون بها مقامرة ؛ ولذا جعل عزوجل القسمة بها ميسرا ، وقد تقدّم في قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) [سورة البقرة ، الآية : ٢١٩] بعض الكلام.
وذكر بعضهم أنّ المراد من الاستقسام بالأزلام هو مطلق الضرب بالقداح لاستعلام الخير والشرّ في الأفعال ، فإذا قصدوا فعلا ضربوا ثلاثة أقداح مكتوب على أحدها : أمرني ربّي ، وعلى الثاني : نهاني ربّي ، والثالث مهمل لا شيء عليه ، (غفل) فيجعلها في خريطة ، فإذا أراد فعل شيء أدخل يده فيها ، فإذا خرج أحد المكتوبين ائتمر أو انتهى بحسب ما خرج له ، وإن خرج القدح الّذي لا شيء عليه