أعاد الضرب. وقال : إنّه حرام ؛ لأنّه من الطيرة ، أو ضرب من التكهّن والتعرّض لعلم الغيب.
والحقّ أنّ سياق الآية المباركة يدلّ على أنّها في مقام بيان محرّمات الأطعمة ، ومن جملتها قسمة اللحم بالمقامرة ، وإن كان الاستقسام بالأزلام أعمّ من ذلك ، فإنّه يستعمل في استعلام الخير والشرّ أيضا ، إلّا أنّه قد توجب القرائن الحافّة بالكلام صرف اللفظ عن عمومه واستعماله في مورد خاصّ ، وهو كثير والمقام منه ، يضاف الى ذلك أنّ الآية الشريفة تدلّ على حرمة الاستقسام بالأزلام وحرمة طلب الخير أو الشرّ ، منها محلّ الكلام ، فإنّه ضرب من الاستخارة الّتي ورد الإذن فيها ولا يضرّ اختلاف الآلات في استعلام الخير ، فقد يكون بالسهام ، وقد يكون بغيرها.
نعم ، لا بدّ أن يكون الاستخبار من الله تعالى ، فلا موضوعيّة للآلات ، بل هي طريق الى طلب الخير من الله العظيم ، نظير التفاؤل الّذي كان نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله يحبّه. والادّعاء بأنّه من الطيرة والتكهّن. باطل كما هو واضح.
وأمّا التعرّض لطلب علم الغيب ، فلا بأس به ، وذكرنا ما يتعلّق بالاستخارة وأقسامها وسائر خصوصياتها في كتابنا (مهذب الأحكام) فراجع ، وسيأتي في البحث الروائي مزيد كلام إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : (ذلِكُمْ فِسْقٌ).
الفسق : هو الخروج عن طاعة الله تعالى الى معصيته ؛ لأنّه الخروج عن الاستقامة ، وتقدّم الكلام في اشتقاق هذه الكلمة في قوله تعالى : (وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٦].
والإشارة راجعة الى جميع المذكورات ، فإنّها محرّمات شرعا ، واستحلالها خروج عن طاعة الله تعالى وإعراض عن شرعه ، كما أنّ الكفّ عنها من الوفاء بالعقود الّذي تقدّم في صدر السورة ، ويشهد له قوله تعالى في سورة الأنعام : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) [سورة الأنعام ،