وهو مردود : بأنّ الآية المباركة ليست في مقام بيان هذه الجهة ، والمسألة محرّرة في الفقه مفصّلا فراجع.
الثالث : يستفاد من قوله تعالى : (وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ) أنّ الحرمة في هذه الأمور المذكورة مضافا الى كونها من مصاديق الميتة ، أنّ قتلها بالكيفيّات الموصوفة خلاف الفطرة والرحمة الّتي ينشدها الإسلام في هذا الموضوع ، فهو يمنع من التعذيب والقتل الفظيع ، فإنّه دين الرحمة يبتغي الرحمة في جميع الشؤون ويأمر بنشرها في كلّ الأمور ، وينهى عن زجر الحيوان وأذيته في القتل وقطع أعضاء الحيوان وسلخه قبل زهاق روحه ، ففي الحديث عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «إذا قتلتم فأحسنوا القتلة» ، ووضع للتذكية شروطا وآدابا يوجب الرفق بالحيوان.
الرابع : يدلّ قوله تعالى : (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) على أنّ ما يوجب تحليل الحيوان الّذي أباح الشرع أكله أو الصلاة في جلده وسائر أجزائه هو التذكية ، وهي تتحقّق إمّا بالذبح أو النحر ، أو الصيد ، أو إخراجه ممّا هو حياته فيه ، أو وضع اليد عليه ، ولكلّ واحد من هذه الأمور شروط معيّنة مذكورة في الفقه.
وفي التذكية الشرعيّة اجتمعت الفطرة وما تهدي إليه الخلقة ، والرحمة ، فلا يردّ بأنّ الاقتصار على اللحوم الّتي تتهيّأ بالموت العارضي ، كحتف الأنف ونحو ذلك ممّا يجتمع فيه حكم الفطرة والخلقة الّتي تدعو الى أكل اللحوم ، وحكم الرحمة ، الّذي يدعو إلى نبذ تعذيب الحيوان وزجره بالقتل أو الذبح ونحوهما ، فلا يحتاج الى التذكية والذبح.
والجواب عنه يتّضح ممّا ذكرناه آنفا ، فإنّ الرحمة إنّما يجب اتباعها في ما إذا لم يستلزم ضررا وحرجا منها على الإنسان ، وإلّا كان خلاف الرحمة ، فلا يجب اتباعها ، مع أنّك عرفت أنّ الإسلام قد أمر بإعمالها في هذه الحالة أيضا قدر المستطاع.
الخامس : يدلّ قوله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ