لأنّ الحكم عنده تعالى في تشريع الأحكام أوسع وأكثر ممّا وصل إلينا ، مع أنّ الحكمة ليست كالعلّة بحيث يدور الحكم مدارها ، كما ثبت في محلّه.
الرابع : أنّ المفاسد الّتي تكون وراء تشريع الأحكام ـ المعبّر عنها بالحكم أو المصالح ـ قد تكون ظاهريّة مشهودة ، مثل انقطاع النسل في أكل الميتة أو موت الفجأة فيه ، وكذا نحولة الجسم ، وقد تكون معنويّة كالكلب (الحرص) في شرب الدم أو قسوة القلب ، وكذا قلّة الرأفة والرحمة ، فإنّها صفات دنيّة معنويّة ، فقد يوجب ارتكاب الحرام المفسدة الظاهريّة والمعنويّة ، وقد يوجب إحداهما دون الاخرى.
الخامس : أنّ قوله عليهالسلام : «إنّ مدمن الخمر كعابد وثن» ، في الإثم والبعد عن ما يوجب التقرّب لديه تعالى.
وفي الدرّ المنثور عن ابن عباس عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله قال : «لا تأكل الشريطة فإنّها ذبيحة الشيطان».
أقول : الشريطة هي الذبيحة الّتي لا تقطع أوداجها ويستقصي ذبحها ، وكانت العرب في الجاهليّة يقطعون بعض حلق الذبيحة ويتركونها حتّى تموت للقسوة الّتي توطّنت في نفوسهم ، وإنّما أضافها الى الشيطان لأنّه هو الّذي علّمهم ذلك وحمّلهم عليه وسوّله لهم.
القسم الثاني : من الروايات وهي الّتي وردت في تفسير قوله تعالى : (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ) في تفسير العياشي بإسناده عن أبي جعفر عليهالسلام في الآية : «يوم يقوم القائم (عجل الله تعالى فرجه الشريف) يئس بنو امية ، فهم الّذين كفروا يئسوا من آل محمد صلىاللهعليهوآله».
أقول : الاختصاص بذلك اليوم لأنّه يوم ظهور الحقّ ، وزمان بسط العدل ، وتقدّم في التفسير أنّ المراد من اليوم الزمان اللائق لإظهار الحقّ ، وهو ممتد من حين البعثة الى يوم القيامة.