ومن العجب أنّه لم تنل فريضة من فرائض الله تعالى بمثل هذه الأهميّة بالوحي ، والضبط ، والتأكيد ، والإشهاد كفريضة الولاية ، ولم تجحد ولم تنكر كمثل هذه الفريضة في الشريعة المحمديّة الغراء ، ومع ذلك كلّه فالحقّ واضح والشمس ساطعة ، فعن مولانا الصادق عليهالسلام أنّ حقوق الناس تعطى بشهادة شاهدين ، وما اعطي أمير المؤمنين بشهادة عشرة آلاف أنفس ، يعني : يوم غدير خم ، إن هذا إلّا الضلال عن الحقّ المبين ، قال تعالى : (فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ* كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ).
وفي الدرّ المنثور عن أبي سعيد الخدري قال : «لما نصّب رسول الله صلىاللهعليهوآله عليا عليهالسلام يوم غدير خم فنادى له بالولاية وهبط جبرئيل عليه بهذه الآية : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ).
أقول : بعد ما سبق أنّ الروايات الواردة في تفسير هذه الآية الشريفة متواترة ومتّفقة المعنى ، لا يجدي رمي الحديث بضعف السند بعد التواتر وصراحة الدلالة. كما فعله بعض المفسّرين ، ولم يذكر وجه الضعف في هذا السند وأمثاله.
بل إنّ الروايات الدالّة على أنّ المراد من اليوم يوم عرفة لم تكن نقية السند ؛ لأنّ فيها سمرة وهو معلوم الحال ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وعلى فرض الصحّة ، فلا يبعد أن تكون الآية المباركة نزلت في يوم عرفة ، ولكنّ النبي صلىاللهعليهوآله أخّر إعلان الولاية الى يوم الغدير بوحي من السماء ولمصالح كثيرة كما يأتي ، وأنّه صلىاللهعليهوآله تلا الآية الشريفة مقارنة مع التبليغ في يوم الغدير ، ويدلّ على ذلك تهنئة الخليفة الثاني لعلي عليهالسلام في يوم غدير خم مع قوله : إنّها نزلت في يوم عرفة كما في بعض الروايات.
فعن المناقب لابن المغازلي يرفعه إلى أبي هريرة قال : «من صام يوم ثمانية عشر من ذي الحجّة كتب الله له صيام ستين شهرا ، وهو يوم غدير خم ، بها أخذ النبي صلىاللهعليهوآله بيعة علي بن أبي طالب ، وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، فقال له عمر بن الخطاب : بخ بخ لك يا ابن