وضيق ؛ ولذا لا يبعد استفادة تشريع التقيّة من هذه الآية المباركة ؛ لأنّ في تركها شدّة وضيقا ، فيتبع الإثم ، أي : المعاند للحقّ من غير ميل قلبي ، أي : غير متجانف ، وسيأتي البحث عنها في محلّه.
بحث فلسفي
ثبت في الفلسفة الإلهيّة أنّ الكمال المطلق ـ أو الكمال الحقيقي ـ منحصر في المبدأ ، وبه جلّ شأنه ، وهو تعالى يفيض على الكائنات عامّة وعلى الخواص منها ، كما يفيض على أخصّ الخواص كالأنبياء والأولياء والأبرار من الأخيار ، كلّ حسب لياقته.
والمراد من الإطلاق هنا عدم إمكان التحديد من جميع الجهات والجوانب والمراتب ؛ لأنّ جلّ شأنه موجد الكمال ، وعين الكمال ومنه الكمال والكمال كلّه يرجع إليه جلّت عظمته.
وبتعبير أهل الذوق من العرفاء : حقيقة كماليّة وسيعة ـ لا يمكن تحديدها ـ وإنّ الحدود بأقسامها ، والتحاليل بأنواعها ، وإنّ النفوس مهما بلغت من العلوّ والسمو قاصرة عن دركها ، فهو جلّ شأنه غيب وظهور ، وغيبه من أسمى الكمال وظهوره عين الكمال وغايته ، فإنّه الكمال وإليه ينتهي شرف الكمال.
ولا نقصد من هذا التعبير وحدة الوجود والموجود حتّى يستلزم محاذير ومفاسد ، وإنّما نعني أنّ الكمال الواقعي والحقيقي منحصر به تعالى وفائض منه ، وأنّ الكمالات مهما بلغت من الرتبة إشراق منه وظل ، وهذا يستلزم وحدة الوجود الّذي هو مقرّر في الشرع ، وعليه معظم الحكماء من المشّائيين والإشراقيين ؛ لأنّ التحديد ـ بمعناه العامّ ـ في شأنه جلّت عظمته أو في صفاته نقص ويستتبع تخلّفات ، ويستلزم المفاسد الّتي لا يمكن الالتزام بها ويجب الفرار عنها ؛ ولذلك ترى أنّ الأئمة المعصومين عليهمالسلام كانوا يتوسّلون بالجانب السلبي في تعريف ذاته أو بيان صفاته ، كما