كما أنّ القاعدة من القواعد الّتي لم تنلها يد التخصيص إلّا في الحيوانات البحريّة بشرائطها ، وفي غيرها باق على عمومها ، وأمّا الاضطرار فعدّه من التخصيص لها نحو تسامح ، بل هو تخصّص ـ كما في مورد النسيان ـ إذ «ما من شيء إلّا وقد أحلّه الاضطرار» ، إلّا أنّه مضيّق في المقام كما يأتي.
وكيف كان ، فقد دلّت الأدلّة الأربعة على حجّيتها.
أمّا الكتاب ، فقوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) ، وقد تكرّر هذا التعبير في القرآن الكريم أكثر من ثلاثة مواضع ، وإنّ متعلّق الحكم (الحرمة) هو الأكل ؛ لأنّه النفع الشائع والغالب منها.
وأمّا السنّة ، فروايات كثيرة متواترة تقدّم بعضها في البحث الروائي ، وعن أبي جعفر الباقر عليهالسلام : «لا تأكل من ذبيحة لم يذكر اسم الله عليها».
وفي معتبرة محمد بن قيس عنه عليهالسلام أيضا : «ما فعلت الحبالة فقطعت منه شيئا فهو ميت ، وكلوا ممّا أدركتم حيّا وذكرت اسم الله عليه» وغيرها من الروايات.
ومن الإجماع ممّا لا خلاف بين المسلمين ، بل عدّ ذلك من ضروريات الفقه ، كما بيّنا ذلك في الفقه.
وأمّا العقل ، فإنّه يستقذر أكل الميتة ؛ لأنّه لا يؤمن من الأمراض والاضرار.
ثمّ إنّ المراد من الميتة الأعمّ ممّا مات حتف أنفه ، أو قتل ، وذبح على غير الوجه الشرعي.
وتثبت على الميتة أحكام أربعة :
الأول : النجاسة «فكلّ ميت نجس إلّا ما خرج بالدليل» ، كالسمك والحشرات ممّا لا نفس سائلة له ، وما ذبح على غير الوجه الشرعي على المبنى ، وإلّا فالمشهور النجاسة ، وهذه قاعدة مستقلّة اخرى.
الثاني : عدم صحّة الصلاة فيها وفي أجزائها ، إلّا ما استثنى.