الثالث : حرمة الانتفاع منها في الجملة كما ثبت ذلك في المكاسب ، ومن شاء فليرجع الى كتابنا (مهذب الأحكام).
الرابع : حرمة الأكل.
والتفكيك في هذه الأحكام لا يصحّ إلّا بالدليل المعتبر شرعا.
القاعدة الثانية : «كلّ دم يحرم شربه إلّا ما خرج بالدليل» ، سواء أكان دم إنسان أم حيوان ـ مأكول اللحم أو غير مأكول اللحم ـ مسفوحا أم غير مسفوح ، نجسا أم طاهرا كدم العلقة.
والدليل عليها قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ) بتقريب ما تقدّم في حرمة أكل الميتة.
إن قلت : إنّ الدم الوارد في الآية المباركة هو الدم المسفوح ، فلا تصير الآية الشريفة أصلا للقاعدة.
قلت : الدم المسفوح هو الغالب والأكثر في الدماء المراقة ، وغيره يلحق به للأدلّة الدالّة على ذلك في السنّة ، إلّا أن يدلّ دليل خاصّ على الحلّية.
وقول أبي الحسن الرضا عليهالسلام : «وحرّم الله الدم كتحريم الميتة» ، وقريب منه غيره من الروايات ، وقد ورد عن الصادق عليهالسلام في تعليل حرمة أكل الطحال : «لأنّه دم».
وادّعى غير واحد من الفقهاء الإجماع على ذلك ، مضافا إلى أنّ الدم نجس ـ إلّا ما استثني ـ وشرب كلّ نجس حرام بالضرورة الفقهيّة.
وإنّه من الخبائث الّتي تستقذرها الطباع السليمة ، فالعقل يحكم باجتنابه.
ولا فرق في الدم من الحيوان ذي النفس السائلة أو غير ذي النفس السائلة كالوزغ ، والضفدع ، والقرد ، مسفوحا أو غير مسفوح كالعلقة ، والدم في البيضة.
كما لا فرق بين أن يكون مايعا فيشربه أو يابسا فيأكله ، كما لا فرق بين أن يكون ممتزجا مع شيء آخر أو لا ، إلّا أن يكون مستهلكا بحيث يراه العرف معدوما ، كلّ ذلك للقاعدة المتقدّمة.