أنّه هل تؤثّر التذكية فيه؟ فذاك بحث آخر. والحيوان الّذي يقبل للتذكية بحكم الشرع على أقسام :
الأوّل : الحيوان الّذي يحلّ أكله ذاتا وإن حرم بالعارض ـ كالجلال والموطوء ـ بحريّا كالسمك أو بريّا ، وحشيّا كان أو مأنوسا ، طيرا كان أو غيره. وإن اختلف في كيفيّة التذكية على ما فصّل في الفقه ، ولا شكّ في وقوع التذكية في هذا القسم ، وهي تؤثّر فيها لطهارة لحمها وجلدها والصلاة والطواف في أجزائها وحلّية أكل لحمها إن لم يحرم اللحم بالعارض.
الثاني : الحيوان الّذي لا يحلّ أكله وكان له نفس سائلة ولكنّه نجس العين ، كالكلب والخنزير ، فإنّه غير قابل للتذكية ؛ لفرض أنّه حرام ونجس على كلّ حال ذكي أو لم يذك ، فلا أثر للتذكية ، وأنّ القاعدة لا أثر لها في هذا القسم ، ويلحق بهذا القسم المسوخ كالفيل والذئب ؛ لأجل دليل خاصّ ، فيجري عليها حكم عدم التذكية ولو بعد التذكية.
ولكن ، نسب الى جمع من الفقهاء منهم الشهيد والمرتضى قبولها للتذكية ، مستدلّين بأدلّة تعرّضنا لها في الفقه وناقشناها ، فمن شاء فليرجع الى كتاب الأطعمة والأشربة من (مهذب الأحكام).
الثالث : الحيوان الّذي لا يحلّ أكله وله نفس سائلة ولم يكن نجس العين ، كالسباع الّتي تفترس الحيوانات وتأكل اللحوم ، سواء أكانت من الوحوش كالأسد والنمر والفهد والثعلب وابن آوى وغيرها. أم من الطيور كالصقر ، والبازي والباشق وغيرها ، فتؤثّر التذكية فيها وبها تطهر لحومها ـ وإن حرم أكلها ـ وجلودها وحلّ الانتفاع بها في غير الصلاة والطواف ، دبغت أو لم تدبغ.
الرابع : الحشرات الّتي تسكن جوف الأرض ، كالفارة وابن عرس ، فمقتضى القاعدة المتقدّمة أنّها قابلة للتذكية ؛ للشكّ في قبولها ، كما ذهب إليها صاحبا الحدائق والجواهر ، وإن نسب الى المشهور خلاف ذلك. ويظهر ممّا تقدّم المناقشة في ثبوت الشهرة في المقام.