الخامس : الحيوان الّذي ليس له نفس سائلة لا أثر للتذكية فيه أصلا ، لا من حيث الطهارة ، ولا من حيث الحلّية ؛ لأنّه طاهر ومحرّم أكله على كلّ حال ذكي أو لم يذك ، فالقاعدة المتقدّمة لها الأثر في قسم خاصّ من الحيوانات كما عرفت ، وكذا في موارد الشكّ في المسخ.
ثمّ إنّ تذكية جميع ما يقبل التذكية من الحيوان المحرّم الأكل إنّما يكون بالذبح مع الشرائط المعتبرة ـ من التسمية ، والاستقبال ، وإسلام الذابح ، وفري الأوداج ، وتتابع الفري ـ وكذا الاصطياد بالآلة الجماديّة في خصوص الممتنع. وأمّا تذكيتها بالكلب المعلّم بالاصطياد مورد الإشكال ، والمسألة محرّرة في الفقه والله العالم.
ثمّ إن هنا أصلا موضوعيّا ، وهو أصالة عدم التذكية تمنع من جريان أصل البراءة والإباحة ؛ لأنّهما أصل حكمي ، والمراد من عدم التذكية (غير المذكي) في اصطلاح الكتاب والسنّة الميتة ، فهما وإن اختلفا مفهوما لكنّهما متّحدان شرعا وخارجا ، ويترتّب عليه أن بجريانها يحكم بالنجاسة وحرمة الأكل ؛ لأنّه مع وحدة الموضوع يثبت كلّ منهما ، فلا يكون الأصل مثبتا هذا.
وإن أمكنت المناقشة في ذلك من أنّه لا دليل على الاتّحاد ، إلّا أنّ المشهور بين فقهاء الإماميّة (رضوان الله تعالى عليهم أجمعين) ذلك ، وأنّ مخالفة المشهور نحو تعدّ ، والله العاصم من الزلل.
وكيف كان ، فإنّ مورد جريان هذا الأصل في الشبهات الموضوعيّة فقط ، وفيها أيضا لا بنحو السعة في أية شبهة موضوعيّة فرضت وتحقّقت ، فلو شكّ في أنّه هل يعتبر الاضطجاع على الأيسر أو على الأيمن في الحيوان المذبوح؟ أو هل يعتبر أن يكون الحيوان مربوطا بأن يشدّ يد الغنم مع إحدى رجليه أو لا؟ أو هل يعتبر أن يكون الذابح قائما؟ إلى غير ذلك ، فإنّ في جميع هذه الموارد وأمثالها لا تجري أصالة عدم التذكية ، بل يرجع الى أصالة عدم الاشتراط أو إلى العموم والإطلاق.
وإنّما تختصّ أصالة عدم التذكية في خصوص الشروط الّتي نصّ الشارع