للصيد ، فيختصّ الحكم بالكلاب المعلّمة دون غيرها إلّا بدليل خاصّ ، ويشهد له اتّفاق أهل اللغة ـ على أنّ المكلّب هو صاحب الكلب ومؤدّبه ـ والتبادر أيضا ، فيقيّد به عموم الجوارح ، وتدلّ عليه بعض الروايات.
والآية المباركة تدلّ على حلّية صيد الكلاب المعلّمة بشروط ، أحدها أن يكون الصيد بالكلب المعلّم دون غيره من الجوارح والكلاب غير المعلّمة.
قوله تعالى : (تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ).
جملة حاليّة من ضمير (مكلبين) أو استئنافيّة ، وهي تدلّ على أنّ التعليم له كيفية خاصّة وطرق معيّنة ، ممّا ألهمهم الله تعالى أو تلقّوه من الشارع الأقدس ، وقد ورد أنّه يشترط في الكلب المعلّم أن يسترسل إذا أرسله الصياد ، وينزجر إذا زجره ، وأن يكون معلّما ولا يعرف منه ذلك إلّا أن تتكرّر منه الأمور المعتبرة في التعليم. ويستفاد ذلك من إطلاق الآية الشريفة ، فهذه شروط اخرى في حلّية الصيد ، وسيأتي في البحث الفقهي تتمة الكلام.
قوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ).
بيان لشرط آخر من شروط حلّية صيد الكلاب المعلّمة ، وهو أثر من آثار التعليم ونتيجته. و (من) تبعيضيّة ، إذ من الممسك ما لا يؤكل كالجلد ، والعظم وغيرهما ، والضمير المؤنّث في (أمسكن) راجع الى الجوارح ، والتقييد بقوله (عَلَيْكُمُ) للدلالة على أنّ الحلّ مقيّد بكون الإمساك لكم ، فيخرج ما أمسكن لأنفسهن ، وإنّما يعرف الإمساكان من القرائن الحافّة.
والمعنى : فكلوا من الصيد ما تمسكه الكلاب المعلّمة لأجلكم ، لا ما تمسكه لنفسها لتأكل منه.
قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ).
شرط آخر ، والضمير في (عليه) يرجع الى (ما علّمتم) ، فيكون المعنى : واذكروا اسم الله على الكلب المعلّم ، وذلك حين إرساله ، وتدلّ عليه جملة من الأخبار.