وقيل : إنّ الضمير يرجع الى : ما (أمسكن) بأن يكون المعنى : إذا أدرك ما أمسكته الكلاب المعلّمة حيّا فإنّه يجب ذكر اسم الله تعالى حين تذكيته ، على تفصيل مذكور في الفقه ، وسيأتي في البحث الفقهي بعض ما يتعلّق بالمقام.
قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ).
حثّ على التقوى ، لما في هذا الأمر من التهاون والغفلة عن الأحكام الإلهيّة كما هو المشاهد في أصحاب الصيد.
والتقوى مطلوبة في جميع الحالات وكلّ الأمور بالايتمار بأوامر الله تعالى والانتهاء عن نواهيه ، ويستفاد منه الاتّقاء عن أكل الصيد الّذي لم تتوفّر فيه الشروط المعتبرة ، والاتّقاء عن الصيد الّذي لم يكن للكسب والعيش ، كما إذا كان إسرافا في القتل ، أو كان عن تكبّر وتجبّر كما في صيد اللهو.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ).
بيان لمظهر من مظاهر علمه الأتمّ وقدرته الكاملة وإحاطته بمخلوقاته إحاطة تدبيريّة تامّة ، فهو الّذي أحصى كلّ شيء عددا ، كما قال تعالى : (وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) [سورة الأنبياء ، الآية : ٤٧] ، وهو وحده جلّ شأنه قادر على أن يكون حسابه سريعا ، فإنّ من سننه تعالى الجزاء على الأعمال ، وإنّه لا يضيع عنده عمل عامل من عباده ، فسوف يجازي المسيء على إساءته في الدنيا قبل الآخرة ، ولم يدع ظلم الإنسان على الحيوان بالعدوان عليه واغتياله والفتك به أن يذهب هدرا ، فإنّه يعاقبه ويربّيه أثر عمله في الدنيا كما دلّت عليه التجربة.
وإنّما أظهر اسم الجلالة لبيان العلّة ، ولترتب المهابة والعظمة ، ويستلزم ذلك الوقار له جلّ شأنه.
قوله تعالى : (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ).
تأكيد لما سبق من حلّية الطيبات ، وتوطئة لما يأتي ذكره من المحلّلات ، والظاهر أنّ حلّية الطيبات عقليّة ، لا أن تكون شرعيّة ، فيحمل قوله تعالى على الإرشاد ، وكذا حلّية طعام أهل الكتاب إن كان المراد منه الحبوب ، فإنّ جميع ذلك