ونواياهم الصادقة ، فقد وضع شروطا لهذا النوع من التعامل بأن لا يكون الطعام ممّا هو محرّم في الشرع الإسلامي ، فخصّ الحكم بالحبوب والفواكه ونحوهما ، فلا يشمل الذبائح ؛ لعدم توفّر تلك الشروط فيها ، ولعلّه لأجل هذا ورد في جملة من الروايات المرويّة عن ائمة أهل البيت عليهمالسلام في تفسير الطعام بالحبوب ـ كما يأتي في البحث الروائي ـ وعدم شموله لذبائح أهل الكتاب كما عرفت ، وإن اختلفت الروايات والأقوال فيها.
ولكنّ المشهور المنصور حرمتها كما هو مذكور في الفقه ، فراجع كتابنا (مهذب الأحكام) ، وسيأتي في البحث الفقهي بعض الكلام إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ).
حكم امتناني آخر ، والجملة إمّا عطف على الطيّبات ، وهي مبتدأ والخبر محذوف لدلالة المقام عليه ، أي : حلّ لكم. والمحصنات جمع المحصنة ، وتقدّم الكلام في معنى هذه المادّة في قوله تعالى : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ) [سورة النساء ، الآية : ٢٤].
والمراد منها في المقام العفائف ، وتخصيصها بالذكر للتحريض على ما هو أولى لا لنفي ما عداهن ؛ لأنّه لا مفهوم للوصف أصلا حتّى يحرم نكاح غير العفائف من المؤمنات وغير العفائف من الّذين أتوا الكتاب ، وقد ورد في جملة من الأخبار جواز نكاح الزانية وإن كان يكره خصوصا في الدائمة.
والمعنى : يحلّ لكم نكاح العفائف من المؤمنات ، وقد ذكرنا في أحد مباحثنا السابقة أنّ هدف الإسلام من الزواج هو تحقيق الإحصان في الطرفين ، وليس مجرّد إطفاء سورة الغريزة فحسب ، ولذا ورد التأكيد على هذه الناحية في جميع الآيات الكريمة المتعدّدة الواردة في مواضع مختلفة ، ولعلّه لأجل ذلك خصّ عزوجل المحصنات بالذكر لبيان هذه الحيثيّة ، فليس المراد حلّية التزويج بهن فقط وحرمته بالنسبة الى غيرهن.