وتكميلها بالكمال اللائق بهن ليلحقن بالمحصنات المؤمنات ، فيكون هذا الحكم الإلهي من أهمّ دواعي العمل الصالح والعلم النافع.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ).
تحذير شديد لمن أعرض عن طاعة الله تعالى وخالف أحكامه المقدّسة ، والكفر هو الستر ، وذكرنا ما يتعلّق باشتقاق هذه الكلمة ، وقد يراد منه المعنى المصدري ، وهو موجبات الإيمان ، أي : الاعتقاد والهدف الصالح ، كما إذا استعمل بالنسبة إلى من أنكر الألوهيّة والرسالة.
وقد يطلق ويراد منه معنى اسم المصدر ، وهو الأثر الحاصل والصفة القائمة في القلب ، أي : الاعتقادات الّتي تدعو الى العمل الصالح ، فيكون معنى الكفر حينئذ ترك العمل بما اعتقده وعلم به أنّه حقّ ، وهذا هو المراد منه في المقام ، أي : الكفر العملي ، وقد تقدّم في أحد مباحثنا السابقة أنّ الكفر يختلف باختلاف متعلّقه ، فقد يكون عن جحود ، وإنّما يكون كذلك إذا علم بالحقّ وداوم على إنكاره وترك العمل به ، وإلّا فإنّ مجرّد ترك العمل من دون أحدهما لا يكون كفرا بل فسقا ، فيكون المراد من الكفر بالإيمان هو ترك العمل بما حقّ عنده وثبت أنّه من الدين وممّا شرّعه الله تعالى ، فيكون كافرا بالإيمان منكرا للآخرة حابطا للعمل ، ويدلّ على ما ذكرناه قوله تعالى : (وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ* وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة الأعراف ، الآية : ١٤٦ ـ ١٤٧] ، فإنّ هذه الآية الشريفة تبيّن أنّ التكذيب بأحكام الله تعالى إنّما كان بعد الإيمان واتّخاذ سبيل الغي وترك سبيل الرشد بعد العلم بهما ، ولا ريب أنّ التكذيب كذلك يكون تكذيبا للآخرة ، وهو يستلزم ترك الحقّ وجحده ، وهذا يقتضي حبط العمل ، ونظير ذلك في القرآن الكريم كثير.
قوله تعالى : (فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ).
ترتّب هذه الآية المباركة على سابقتها من قبيل ترتّب المسبّب على السبب ،