فإنّ من ترك اتّباع الحقّ الثابت عنده يكون كفرا بالإيمان ، فيكون العمل الصادر عنه لا عن عقيدة وإيمان ، ولا وزن لمثل هذا العمل ولا قيمة له ، وهذا هو حبط العمل ، قال تعالى : (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً* الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً* أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) [سورة الكهف ، الآية : ١٠٣ ـ ١٠٥].
ثمّ إنّ إطلاق الحبط كما يصحّ على الكفر بعد الإيمان ـ كما تقدّم ـ كذلك يصحّ على بطلان أعمال الكفّار أيضا ، حيث أنّ لهم عبادة حسب شريعتهم الّتي يتمسّكون بها ـ أو أعمالا حسنة يأتون بها ـ فإذا جحدوا بالحقّ بعد العلم به ، ولم يتبعوا الإسلام فقد حبط عملهم ، وسيأتي الكلام في الحبط مفصّلا في الموضع المناسب إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : (وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ).
لأنّه أعرض عن أحكام الله تعالى ، وأنكر الشرائع ، وكذّب الآخرة فحبط عمله ، فلم يقم الله تعالى له وزنا يوم القيامة ، فكان عاقبة أمره خسران السعي في الآخرة.