بحوث المقام
بحث دلالي
يستفاد من الآيات الشريفة امور :
الأوّل : تتضمّن الآيتان الشريفتان أهمّ الأسس الّتي يعتمد عليها المجتمع الإنساني ، وهما الطعام والزواج ، فإنّ في الأوّل حياة الأفراد وصلاح أبدانهم وأنفسهم ، وفي الثاني بقاء النوع بالتناسل ، ولا ريب أنّ الإسلام اهتمّ بهما اهتماما بليغا وشرّع فيهما أحكاما ، وذكر إرشادات وتوجيهات محكمة مبنيّة على الصلاح والأخلاق الفاضلة الكريمة ؛ لأنّ صلاح هاتين الركيزتين يؤثّر على صلاح الفرد والاجتماع والنوع الإنساني وسعادتهم ، وقد ذكر عزوجل ما يتعلّق بهما في مواضع متفرّقة من القرآن الكريم.
وفي المقام ذكر عزوجل قاعدة هامّة في الطعام مبنيّة على الصلاح العامّ فأحلّ الطيّبات ، وأحكم هذا التشريع إحكاما دقيقا ، فذكره في أسلوب لطيف يحبّب الطيّبات من الطعام الى النفوس ، وتجعلها تأنف من الخبائث وتشمئز منها تلك النفوس الّتي تهذّبت بالتوجيهات الربوبيّة والإرشادات الحكيمة ، فكان ذلك أساسا في طعام الإنسان بجميع أنواعه وأصنافه ، وقد ذكر عزوجل له مصاديق وأفرادا متعدّدة في مواضع متفرّقة ، تقدّم بعضها في الآيات السابقة.
وفي الآيات المباركة في المقام يذكر جلّ شأنه فردين آخرين ، أحدهما لحم الحيوان الّذي يصطاده الكلب المعلّم بالشروط المقرّرة. والثاني طعام أهل الكتاب ، وأرشد الى أنّ حلّيته إنّما تتوقّف على توفّر الشروط المعتبرة في الشريعة الإسلاميّة ، فإنّ حلّية طعامنا لهم إنّما كان في ظرف توفّر تلك الشروط فيها ، وكذلك لا بدّ أن تكون حلّية طعامهم لنا وإلا صار خبيثا وخلاف المنّة الّتي سيقت الآية المباركة