لنشر تعاليم الإسلام ومعارفه الحقّة ، وإظهار مكارم الأخلاق الّتي اهتمّ بها الإسلام. ولأجل أنّ الهدف كان عظيما قد أحكم عزوجل تلك الأحكام وأكّد على مراعاتها وحثّ على إتيانها بأتمّ وجه ، فحذّر تحذيرا شديدا بسرعة حساب من خالف تلك التوجيهات الربوبيّة وإرشاداته القيمة ، وأمر بالتقوى ومراقبة الله تعالى في جميع الحالات ، ويكفي في الدلالة على أهميّة تلك الأحكام ولزوم مراعاتها بدقّة وأمان اعتبار الإعراض عنها كفرا بالإيمان وحبطا للأعمال.
الثاني : يدلّ قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) على قاعدة كلّية في الأطعمة والأشربة الّتي يميّز بها الحلال عن الحرام ، فكلّ ما كان طيبا حلّ أكله وشربه ، بلا فرق بين أصنافهما ، وكلّ ما كان خبيثا حرم شربه وأكله كذلك.
والآية المباركة وإن كانت مطلقة إلّا أنّه لا بدّ من تقييدها بما ورد في الكتاب الكريم والسنّة الشريفة من الشروط والحدود.
ويمكن أن يستدلّ بهذه الآية المباركة على أصالة الحلّية والإباحة ، الّتي تمسّك بها الفقهاء في باب الأطعمة والأشربة.
الثالث : يستفاد من قوله تعالى : (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ) جواز اقتناء الكلاب لأجل الصيد ، كما يستفاد منه أنّ في بعض الحيوانات قابلية التعلّم ، ولكن لا بدّ أن يكون التعليم في ما له نفع للإنسان بالطريق الّذي علّمه الله تعالى ، فما يفعله بعض في تعليم الحيوانات مستخدما أساليب معيّنة تلحق الأذى والضرر بالحيوان ليس ممّا علّمه الله تعالى ؛ لأنّه ظلم ، وهو قبيح عقلا ومحرّم شرعا.
الرابع : يدلّ قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ) على وجوب مراعاة التقوى في جميع التشريعات وتطبيقها تطبيقا كاملا ، مع مراعاة جميع الشروط والتوجيهات والإرشادات الربوبيّة ، وأنّ مخالفة التقوى فيها توجب المسألة يوم القيامة ، وسرعة الحساب في الدنيا.