الخامس : يستفاد من قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) أنّ التشريعات والأحكام الّتي أنزلها الله تعالى في هذه الآيات الشريفة لها أهميّة خاصّة في حياة الإنسان في العوالم الّتي ترد عليه ، حيث أنّ مخالفتها تستلزم سرعة الحساب ، ولم يذكر سبحانه وتعالى هذا الوعيد إلّا في مواضع معيّنة في القرآن الكريم ، تكون لها أهميّة خاصّة.
وإطلاق هذه الآية المباركة يدلّ على سرعة الحساب في الدارين ، فقد يكون عاجلا لم يمهله الله تعالى لعظمة الذنب ، وقد يمهله لمصلحة لا يعلم بها إلّا هو.
السادس : يستفاد من قوله تعالى : (فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) أنّ الحبط إنّما يتحقّق في ما إذا كان حقّ ، وعلم به ، والتزم بالعمل به ثمّ إنكاره وجحده وترك العمل به ، فيكون كفرا بالإيمان ، وكلّ كفر كذلك يكون حبطا للعمل ، فلا ينفع حينئذ معه الأعمال السابقة ، فإنّه سقط جزائها كما لا ينفع عمل حين كفره ، فيكون عاقبة أمره الخسران إلّا إذا تاب وعمل عملا صالحا.
بحث روائي
في الكافي بإسناده عن الحلبي عن الصادق عليهالسلام قال : «في كتاب علي عليهالسلام في قوله عزوجل : (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ) قال هي : الكلاب».
أقول : يستفاد من هذه الرواية امور :
الأوّل : لا فرق في الكلب بين السلوقي وغيره وبين الكرديّة ، سواء كان أسود أم غيره ؛ لإطلاق الآية الشريفة والرواية المتقدّمة.
الثاني : لا يحلّ من صيد الحيوان ومقتوله إلّا ما كان بالكلب المعلّم ، فلا يحلّ صيد غير الكلب من جوارح السباع ، كالفهد والنمر وغيرهما ، وجوارح الطير كالباز والعقاب والباشق وغيرهما ، وإن كانت معلّمة ؛ لأصالة عدم التذكية المقرّرة شرعا والمعتمد عليها لدى الفقهاء ـ كما تقدّم ـ إلّا ما خرج بالدليل ، ونصوص