أقول : هذه الرواية ـ مع قطع النظر عن السند ـ يستفاد منها امور :
الأوّل : أدب الدخول ، فإنّ جبرائيل رسول مباشر من الله تعالى ومن الملائكة المقرّبين استأذن في الدخول على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فكيف بغير جبرائيل ، لأنّ صاحب البيت حبيب الله ، وأشرف الأنبياء ، وفخر الكائنات ، فإذنه صلىاللهعليهوآله شرف للتشرّف برؤيته.
الثاني : بعد ما أذن صلىاللهعليهوآله لجبرائيل فما معنى بطء جبرائيل بالدخول عليه صلىاللهعليهوآله؟! ولعلّه كان ذلك استحياء من مكانة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فإنّه كان مأمورا من الله جلّت عظمته أن لا يدخل بيتا فيه مظهر الشيطان وهو الكلب ، وذلك شأن جميع الملائكة بتمام أصنافها ورتبها.
وأمّا عتاب رسول الله صلىاللهعليهوآله بفعله وقوله لجبرائيل مع علمه صلىاللهعليهوآله بالواقع من أنّه لا يمكن اجتماع مظهر الرحمن ورسوله مع مظهر الشيطان وأعوانه ؛ لأجل الإعلام العملي للمسلمين بالاجتناب عن مظهر الشيطان ، فإنّ جبرائيل مع ما لديه من المنزلة عند الربّ الجليل ـ بل الملائكة كلّهم ـ لا يدخل ولا يدخلن بيت أشرف الأنبياء ، فكيف ببيت سائر الناس لو كان فيه كلب أو صورة على ما يأتي من الحكمة فيها.
الثالث : الوجه في أخذه صلىاللهعليهوآله رداءه وخروجه كناية عن اضطرابه لبطء روح القدس عليه ، وكنّى بالرداء عن العون والنصر ؛ لأنّ الرداء يقع على الظهر ويحفظ العاتقين والمنكبين عن الحوادث ، فيكون عونا للإنسان.
الرابع : أنّ وجود جر وفي بعض بيوتهم لم يكن عن عمد ، وإنّما دخل الحيوان بنفسه بلا التفات من صاحب البيت.
الخامس : أنّ قتل الكلاب بأمر من رسول الله صلىاللهعليهوآله إنّما كان في خصوص الكلاب الهارشة الّتي كانت تؤذي سكان المدينة وتسلب راحتهم ؛ ولم تكن قابلة للحفظ والتربية ، لقاعدة تقديم الأهمّ على المهمّ الثابتة شرعا وعقلا ، وذلك بقرينة روايات كثيرة اخرى. إذا الرواية لا تنافي ما حدث في هذه الأعصار من عنوان