عزوجل : (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) فقال عليهالسلام : الحبوب والبقول».
أقول : الروايات الدالّة على أنّ المراد من قوله تعالى : (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) هو الحبوب والبقول كثيرة جدا وقد بلغت حدّ التواتر ، وتقدّم أنّ الطعام هو الحبوب ، وقد ورد في زكاة الفطرة : «صاعا من طعام» ، أي : البر أو الشعير أو غيرهما ، وقال الخليل : «إنّ العالي في كلام العرب أنّ الطعام هو البر خاصّة» ، فلا مجال للقول بأنّ المراد من الطعام مطلق ما يطعم من اللحوم وغيرها كما تقدّم في التفسير. وإنّ الروايات الواردة في حلّية ذبائح أهل الكتاب المستدلّة بالآية الشريفة كلّها غير نقيّة السند وعن طرق العامّة ، كما أنّ ما ورد عن طرقنا الدالّة على حلّية ذبائح أهل الكتاب محمولة على التقيّة ، والشاهد على ذلك ما رواه الشيخ بإسناده عن بشير بن أبي غيلان قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن ذبائح اليهود والنصارى والنصاب؟ قال عليهالسلام : فلوى شدقه وقال : كلبا الى يوم ما» ، فإنّ التقيّة فيها ظاهرة.
ومن العجب أنّ السيوطي سرد جملة من الروايات في تفسيره (الدرّ المنثور) تدلّ على أنّ المراد من الطعام من الآية الشريفة هو ذبائح أهل الكتاب ، ولكنّها لم تستند الى النبي صلىاللهعليهوآله أو خلفائه المعصومين ، فمن الممكن أن تكون مجرّد نظريات في ظروف خاصّة بتحويل المعنى ، والشاهد على ذلك أنّه لم يذكر رواية تدلّ على أنّ المراد من الطعام هو الحبوب ، مع أنّها المتبادر منه عند الإطلاق.
على أنّه يمكن أن يراد من الروايات ـ الّتي تفسّر طعام أهل الكتاب بالذبائح كما وردت عن طريق السنّة ـ الذبائح الّتي ذبحت على طريق الشرع ، بحيث يكون المباشر للذبح المسلم وكان جامعا للشرائط وكانت الذبيحة ملكا للكتابي.
إن قلت : بناء على ما تقدّم لا تختصّ الحلّية بذبيحة الكتابي بل تعمّ المشرك أيضا ، فلو ذبح المسلم كذلك ذبيحة المشرك حلّ أكلها.
قلت : نلتزم بذلك ولا محذور فيه شرعا ، وتقييد الآية المباركة بأهل الكتاب