يكون حينئذ من باب الغالب ، أو من باب ذكر بعض مصاديق الكفر ، بقرينة الروايات والإطلاقات الواردة في الصيد والذباحة ، فتأمّل.
وفي تفسير العياشي بإسناده عن قتيبة الأعشي قال : «سأل الحسن بن المنذر أبا عبد الله عليهالسلام : إنّ الرجل يبعث في غنمه رجلا أمينا يكون فيها نصرانيّا أو يهوديّا ، فتقع العارضة فيذبحها ويبيعها؟ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : لا تأكلها ولا تدخلها في مالك ، فإنّما هو الاسم ولا يؤمن عليه إلّا المسلم ، فقال رجل لأبي عبد الله عليهالسلام وأنا اسمع : فأين قول الله : (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ)؟ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : كان أبي يقول : إنّما ذلك الحبوب وأشباهها».
أقول : يحتمل في جملة : «فإنّما هو الاسم ولا يؤمن عليه إلّا المسلم» معنيان :
الأوّل : الأمن من جهة مجرّد صدور اسم الله تعالى.
الثاني : الأمن من جهة الاعتقاد ، وهذا هو المناط في هذه الروايات.
وكيف كان ، فهذه الرواية ـ وغيرها الّتي هي قريبة منها ـ تدلّ على ما ذكرناه سابقا ، كما تكشف عن الحكم بالحلّية في ذبائح أهل الكتاب لم يكن واقعيّا ، وأنّ المراد من الطعام في الآية الشريفة خصوص الحبوب وأشباهها.
وفي الكافي بإسناده عن زرارة بن أعين قال : «سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ)؟ فقال : منسوخة بقوله تعالى : (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ)».
أقول : وقريب منه غيره ، والمراد من النسخ هنا غير معناه المصطلح ، والمقصود منه التقييد ، وتقدّم ما يرتبط به في التفسير فراجع.
وفي تفسير العياشي بإسناده عن العبد الصالح قال : «سألناه عن قوله تعالى : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) ما هن؟ وما معنى إحصانهن؟ قال عليهالسلام : هنّ العفائف من نسائهم».
أقول : يستفاد من الرواية جواز نكاح الكتابيّة والعفائف من نسائهم من باب الأفضليّة ، حرّة كانت أو أمة ، وفي بعض الأخبار : «إنّما يحلّ منهنّ نكاح البله» ،