والفهد يرسلان فيقتل ، فقال عليهالسلام : هما ممّا قال الله : (مُكَلِّبِينَ) ، فلا بأس بأكله» ، ومثلها غيرها محمولة على ما إذا أدرك حياته فذكي ، وإلّا فيردّ علمها إلى أهله ، لمعارضتها بما هو أقوى ، وموافقتها للتقيّة.
ومن الإجماع : ما ادّعاه غير واحد ، بل عدّ ذلك من ضروريات المذهب.
ولأصالة عدم التذكية المعتمد عليها في اللحوم ، وقد ثبت حجّيتها في الفقه والأصول ، وتقدّم البحث عنها هنا موجزا.
الثانية : لا فرق فيما قتله جوارح الطير والسباع بين أن تكون معلّمة أو غير معلّمة ، فيحرم مطلقا إلّا أن يدرك حياته فيذكى ، كما لا فرق بين أن يكون معها كلب معلّم أو لم يكن ؛ لأصالة عدم التذكية ؛ ولمعتبرة أبي عبيدة الحذاء عن الصادق عليهالسلام : «وإن وجد معه كلبا غير معلّم فلا يأكل منه» ، هذا إذا لم تكن قرينة خارجية توجب الاطمئنان على أنّ كلب المعلّم قتله ، وإلّا فهي المتّبعة كما تقدّم.
الثالثة : يعتبر في الكلب للصيد الخارج عن القاعدة المتقدّمة امور :
الأوّل : أن يكون معلّما للاصطياد لما تقدّم من الكتاب والسنّة والإجماع ، ولأصالة عدم التذكية ، وعن الصادق عليهالسلام : «وإذا أرسلت الكلب المعلّم فاذكر اسم الله عليه ، فهو ذكاته» ، وقريب منه غيره.
وعلامة اتّصاف الكلب به أن يكون الحيوان منقادا في الإرسال والزجر وضبط الصيد لو أرسله صاحبه وأغراه ـ إلّا إذا كان مانع في البين ـ وأن ينزجر ويقف عن الذهاب والهياج إذا زجره صاحبه ، فيكون تحت اختيار الإنسان لو لم يكن مانع ولا يتخلّف إلّا نادرا ؛ لجملة من الأخبار المذكورة في الفقه ، وللإجماع بين المسلمين.
الثاني : أن يمسك الصيد لصاحبه ولا يأكل منه شيئا ؛ لقوله تعالى (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) ، ولكنّ الظاهر أنّ الإمساك أعمّ من ذلك ، فلا يصير دليلا للمقام ، وبقول الصادق عليهالسلام في موثق سماعة : «فإذا أكل الكلب منه قبل أن تدركه فلا تأكل منه» ، وقريب منه غيره.