وهناك : روايات اخرى دالّة على الجواز ـ تعارض الروايات المتقدّمة ـ ولذا كان هذا الشرط موضع الخلاف بين الفقهاء. ولا يبعد الترجيح للطائفة الثانية من الأخبار ، كقول الصادق عليهالسلام في صحيح الحلبي : «وأمّا ما قتله الكلب وقد ذكرت اسم الله عليه ، فكل منه وإن أكل منه» ، وفي بعض الروايات : «وإن أكل منه ثلثيه» ، وطريق الجمع بين الطائفتين حمل الطائفة الاولى على التنزيه والكراهة بقرينة الطائفة الثانية ، وهذا هو الحمل الشائع في الفقه ، أو حمل الطائفة الاولى على عدم تحقّق التعليم ، إلّا أنّ ما ذهب إليه المشهور من اعتبار عدم أكله هو الأحوط كما هو محرّر في الفقه.
الثالث : أن يرسل للاصطياد مطلقا على سبيل الجنس ، فلو استرسل بنفسه من دون إرسال لم يحل مقتوله ، ويمكن استفادة اعتبار هذا الشرط من قوله تعالى : (مُكَلِّبِينَ) ، وقوله تعالى : (تُعَلِّمُونَهُنَ) ، وفي الحديث قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن كلب أفلت ولم يرسله صاحبه فصاد ، فأدركه صاحبه وقد قتله ، أيأكل منه؟ فقال عليهالسلام : لا».
ثمّ إنّه يشترط في حلّية صيد الكلب امور :
الأوّل : أن يكون المرسل مسلما أو بحكمه كالصبي ، فلو أرسله كافر بجميع أنواعه ، أو من كان بحكمه كالنواصب لم يحل أكل ما قلته بالضرورة المذهبيّة ، وإن الصيد تذكية فيعتبر فيه كلّ ما يعتبر فيها إلّا ما خرج بالدليل على الخروج.
الثاني : أن يسمّي عند الإرسال ، فلو ترك التسمية عمدا لا يحلّ مقتوله ؛ للآية المباركة : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) ؛ ولقول الصادق عليهالسلام : «من أرسل كلبه ولم يسم فلا يأكله» ، ولا يضرّ لو ترك التسمية نسيانا أو شكّ فيها ؛ لقول الصادق عليهالسلام : «فإن كنت ناسيا فكل منه» ، وكذا رواية أبان بن عثمان : «لا أدري سمّيت أم لم أسم ، فقال عليهالسلام : كل لا بأس».
وظاهر الآية الشريفة أنّه لا يشترط أن تكون التسمية حين الإرسال ، بل تكفي ولو حصلت بعده الى حين عضّة الكلب ، وتدلّ عليه بعض الروايات أيضا.