وهنا فروع اخرى تعرّضنا لها في الفقه من شاء فليراجع كتاب الصيد من (مهذب الأحكام).
الثالث : أن يكون موت الحيوان مستندا الى جرح الكلب المعلّم وعقره ، فلو كان بسبب صدمة أو خنقة أو اتعابه في العدو أو ذهاب مرارته من جهة شدّة خوفه ، لم يحل لظاهر النصوص ؛ وللإجماع ؛ وللأصل ، ولو شكّ في أنّ الموت مستند الى الكلب أو غيره ولم تكن في البين قرينة معتبرة تدلّ على أنّه مستند الى الكلب ، لا يحلّ أكله ؛ لأصالة عدم التذكية بعد عدم إحراز سببها.
الرابع : عدم إدراك صاحب الكلب الصيد حيّا مع تمكّنه من تذكيته ، فلو أدركه حيّا وجبت التذكية ، ويدلّ عليه قوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) ، كما تدلّ عليه روايات منها قول الصادق عليهالسلام في المعتبر : «فإن أدركه قبل قتله ذكّاه» ، والمناط إدراك صاحب الكلب الصيد ، فلو أدركه شخص آخر فإن أخذه من الكلب حيّا يجب عليه الذبح الشرعي ، فلو لم يذبح حتّى مات ضمن لصاحبه ؛ لأنّه أتلف مال الغير ، وإن لم يأخذه منه وكان في إمساكه حتّى مات ثمّ وصل صاحبه تحقّقت التذكية ، وهناك فروع اخرى من أراد الإطلاع عليها فليراجع الفقه.
وذهب بعض الفقهاء الى طهارة موضع العضّة من الكلب ؛ لقوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) ، الدالّ على حلّية الأكل مطلقا.
ولكنه مردود : لعدم كون الآية المباركة في مقام البيان من هذه الجهة ، فالعمومات الدالّة على أنّ وضع ملاقاة العضّة مع نجس العين نجس محكمة.
القاعدة الثالثة : «الطعام كلّه حلّ إلّا ما خرج بالدليل» ، والمراد من الطعام الأعمّ من الحبوب والفواكه والألبان والمعادن ـ كالملح وغيره ـ بلا فرق بين أن يكون الطعام من صنائع أهل الكتاب كبعض الحلويات مثلا ، أو لم يكن كذلك كالتمر والجوز واللوز وغيرها ، سواء أكان من الكفّار أم من غيرهم ، والمراد من الحلّ الأكل وغيره من الاستعمالات.