ومستند هذه القاعدة الأدلّة التالية ، فمن الكتاب قوله تعالى : (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) وغيره كما يأتي.
ومن السنّة روايات كثيرة تقدّم بعضها ، وفي معتبرة هشام بن سالم عن الصادق عليهالسلام في قول الله تبارك وتعالى : (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ) قال : العدس والحبوب وأشباه ذلك ، يعني أهل الكتاب».
ومن الإجماع ما هو متسالم عند المسلمين إلّا في الذبائح ، فقد ذهبت الإماميّة الى الحرمة لأدلّة وردت عن أهل البيت عليهمالسلام.
ويمكن إقامة الدليل العقلي على ذلك بأنّ ذلك يوجب المودّة بين أصناف الناس ، ورفع الحزازة ، وتقريب الواقع ، وإظهار الحقّ وإراءته كما هو.
والمراد من الحلّية نفي الحرج واليأس ومتعلّقها الأعمّ من الأكل والبيع والشراء وغيرهما من المعاملات ؛ للأصل بعد عدم ورود نهي أو دليل على التحديد من الشرع.
ثمّ إنّه قد خرج عن هذه القاعدة موارد :
الأوّل : ما إذا طرأ على ذلك عنوان خارجي آخر ، كالإعانة على الإثم ، وتقوية الباطل ، وإهانة المؤمن أو تحقيره ، أو ظنّ السوء بالدين ، أو الضرر وما الى غير ذلك ، فحينئذ لا تجري القاعدة ، وفي جميع ذلك محكوم بالحرمة ؛ لأنّ الأدلّة الثانويّة مقدّمة عليها ، كما ثبت ذلك في الأصول ، كما أنّها لا تجري فيما لو وجب بطرو عناوين اخرى كإنقاذ حقّ ، وحفظ مؤمن ، أو استلزم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها ، ففي جميع ذلك يجب ؛ لأنّ الأدلّة الثانويّة محكمة على القاعدة.
الثاني : اللحوم والشحوم والجلود وجميع أجزاء الحيوان لو ذبحه كافر ـ مشركا كان أو كتابيّا ـ ومن بحكمه كالنواصب والغلاة ؛ للأدلّة الدالّة على عدم حلّية ذبائحهم ، كقول الصادق عليهالسلام الوارد في ذبيحة اليهودي : «لا تأكل من ذبيحته ولا تشتر منه» ، ومعتبرة إسماعيل بن جابر : «لا تأكل من ذبائح اليهود والنصارى