وكونها حربيّة ، وأمّا غيرها كالكتابيّات فيجوز نكاحهن ؛ تمسّكا بإطلاق الآية الشريفة ، ولكن على كراهة خصوصا في الدائمة ؛ للجمع بين الروايات.
وأمّا المسلمة ، فلا يجوز لها أن تنكح الكافر مطلقا ـ دواما أو انقطاعا كتابيّا أو حربيّا مرتدّا أو غيره ـ وكذا من بحكمه كالنواصب ، والله العالم بالحقائق.
بحث عرفاني
يمكن أن تتضمّن الآيات الشريفة إشارات لأصحاب السير وأرباب السلوك ؛ لأنّهم حرّموا على أنفسهم الدنيا وزخارفها ، بل الموقنين منهم العاشقين الى اللقاء والمشتاقين للحق حرّموا على أنفسهم نعيم الآخرة أيضا ، كما عن علي أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسلام) في كثير من دعواته الشريفة وكلماته الحكيمة ، وعن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «الدنيا حرام على أهل الآخرة والآخرة حرام على أهل الدنيا ، وهما حرامان على أهل الله تبارك وتعالى» ، فسألوا بلسان الحال أو الاستعداد من الطيب الطيّبات ، وفي الحديث : «انّ الله طيّب لا يقبل إلّا الطيّب» ، فأوحى الى حبيبه ونبيّه : (قُلْ) للسالكين والمشتاقين والمؤمنين من عبادي الطالبين للحقّ (أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) من طرق الوصول إلى ساحة كبريائه ، مطيّبا بجذبات الحقّ ونفحات الشهود ، لا من كلّ مأكول ـ ومشروب أو ملبوس أو مقول أو معقول ـ فإنّها لا تليق بمقامهم وإن كانت لوجه الله تعالى ، إذ لو لم تكن كذلك فقد لوّثت وخبثت ، ومع ذلك أنّ المشتاقين للحقيقة والموقنين باللقاء والعارفين بالحقّ لا يهتمّون بالمظاهر ، بل هي محرّمة عليهم ؛ لأنّها من شؤون الدنيا الّتي لا تحلّ لهم إلّا بمقدار الاضطرار ، كما تقدّم عن الصادق عليهالسلام ، فلا حظّ لهم فيها وإنّما حظوظهم في الكمالات الّتي أهمّها أخلاق الله تعالى المنزّهة عن النقائص والشبهات ، فإنّ أهل العرفان والسير والسلوك لا يتفكّرون إلّا في عظمة الذات ، ولا يسيرون إلّا في ميادين الأنوار ، فالدلائل عندهم مدلولات ، والغيب شهادات ،