الدنيا والإعراض عن تكميل النفس بالكمالات والتخلّق بمكارم الأخلاق ، والسبب في ذلك هو حبّ الدنيا الّذي يعدّ رأس كلّ خطيئة ، كما في الحديث.
قوله تعالى : (لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ).
بيان للآية السابقة ، أي : لا ينتسبون الى المؤمنين ليعدّوا منهم حقيقة ، ولا الى الكفّار ليعدّوا منهم بالكليّة ، وإنّما يميلون مع كلّ ريح ويطلبون النفع في انحيازهم الى الطائفتين.
قوله تعالى : (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً).
تعليل لما سبق ، أي من لم يوفقه الله تعالى فهو ضال لم يهتد الى سبيل ؛ لأنّهم اتّصفوا بتلك الصفات المهلكة الموبقة ، فلم يهيئوا أنفسهم لنيل الفيوضات الربوبيّة والوصول الى المقامات الكريمة ، ولم يستعدّوا للتوفيق ولم يصلحوا للهداية ، فأضلّهم الله عن السبيل ، فلا سبيل لهم ليوصلهم الى الحقّ والكمال.
والخطاب في الآية الشريفة عامّ يشمل الجميع ؛ ليكون رادعا لهم عن سلوك السبل حتّى تؤدّي بهم الى الهلاك وإعراض الله تعالى عنهم وسلب التوفيق عنهم.
وقيل : إنّ المراد من السبيل هو المذهب والدين الحقّ ، وهو يرجع الى الأوّل أيضا ، فإنّ المتديّن بالحقّ قد اكتسب واقتنى أهمّ الكمالات الواقعيّة والعواقب الحميدة.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ).
خطاب للمؤمنين بعد بيان صفات المنافقين وما أوجب إضلال أنفسهم وعدم اهتدائهم سبيلا يفضي بهم الى الحقّ.
والآية الشريفة تحذّر المؤمنين عن أهمّ ما يوجب ضعف إيمانهم والدخول في زمرة المنافقين ، وتعظهم بعدم التقرّب الى ما يوجب سخط الله تعالى ، وإشارة الى أهمّ تلك الموبقات ، ألا وهي ولاية الكافرين الّتي هي صنيع المنافقين ، وإلّا كانوا مثلهم ، وتؤكّد الآية الكريمة النهي السابق عن موالاة الكافرين الّتي هي حبّهم