متداركة بعضها فوق بعض كالدرج ، إلّا أنّ الأخير يقال باعتبار الصعود والدرك باعتبار الهبوط ؛ ولذا كانت للجنّة درجات وللنّار دركات ، وفي حديث الدعاء : «أعوذ بك من درك الشّقاء» ، والجمع أدراك ـ وهي منازل في النار ـ وقيل أدرك كفلس وأفلس.
وتدلّ الآية المباركة على وجود طبقات ومنازل للنار ، وهي سبع : تسمّى الاولى جهنم ، والثانية لظى ، والثالثة الحطمة ، والرابعة السعير ، والخامسة سقر ، والسادسة الجحيم ، والسابعة الهاوية ، وقد تسمّى جميعها باسم الطبقة الاولى كما يسمّى بعض الطبقات باسم الطبقة الاخرى ، ولفظ النار يجمعها أعاذنا الله تعالى بلطفه ورأفته وجميع المؤمنين برحمته وكرمه منها بحقّ محمّد وآله الأطهار
وإنّما استحقّ المنافقون الدرك الأسفل ؛ لأنّهم شرّ أهلها ، وقد جمعوا بين الكفر والنفاق واتّصفوا بصفات موبقة ومهلكة أفسدت عليهم فطرتهم ، وجعلت أنفسهم أخسّ الأنفس وأرداها فاستحقّوا بها هذه الطبقة من النار كما حكي عنهم عزوجل في الآيات السابقة ، فإنّ واحدة منها تكفي في استحقاق النار ، وتدلّ الآية الشريفة على تناسب الجزاء مع العمل.
قوله تعالى : (وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً).
إرشاد الى استيلاء النفاق على جميع مشاعرهم وتنبيه الى أنّ النفاق يوجب انقطاع العصمة بينهم وبين كلّ شفيع ونصير يخرجهم من النّار أو يخفف من عذابها.
ويمكن أن تكون الآية الشريفة بيانا لقوله عزوجل : (فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) في الدنيا والآخرة فالنصير من السبيل الّذي نفاه عزوجل عنهم ، فإنّ الله تعالى لم يوفقهم في الدنيا للهداية وكسب المكارم ولم يجعل لهم نصيرا ينصرهم من عذاب الله عزوجل.
قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا).
استثناء عمّا سبق ذكره في النفاق والمنافقين والوعيد الّذي ذكره عزوجل فيهم. وقد اشترط تعالى للرجوع عن النفاق شروطا ثقيلة لم تذكر في غيره من