والآية المباركة تؤكّد على أخذ الحيطة والاجتناب عن اتّباع الهوى الّذي هو السبيل الوحيد للضلال ، ويعتبر جانب الضعف في الإنسان الّذي به يستولي الشيطان على مشاعره ، فهذه الآية الشريفة من الآيات التربويّة الّتي تعدّ الأمة إعدادا فكريا تربويا لتطبيق العدل الرباني ليكونوا شهداء على الخلق أجمعين.
وأمّا الآية الثانية ، فهي تحدّد الإيمان تحديدا دقيقا ، وتبيّن الأركان في الإيمان بالله العظيم وقواعده الّتي بها يمكن أن تصل الأمة إلى المنزلة الّتي أعدّها الله تعالى لها ، فأمر عزوجل بالتمسّك بالإيمان الّذي آمنوا به أوّلا ، إذ مجرّد الإيمان من دون أن يكون راسخا في النفوس لا أثر مهم يرجى منه ، فأمرهم بالإيمان ثانيا في أسلوب ملفت للنظر ، ليثير الإحساس فيتهيّأ للعمل على تنميته والاستقامة عليه ، ثم شرح الإيمان بالله تعالى شرحا وافيا ؛ ليبيّن أنّ الإيمان به لا يمكن أن يكون مجهولا كما كان عليه أهل الجاهليّة ، فإنهم أيضا كانوا يدّعون الإيمان قال تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) [سورة الزمر ، الآية : ٣٨] إلّا أنّ الإيمان المطلوب هو الإيمان بالله العظيم مقرونا بالإيمان بالرسول وبالكتاب الّذي نزّل عليه وما اشتمل عليه من الأحكام والتوجيهات والإرشادات ، ثم يؤكّد ذلك ببيان ضدّه ـ وهو الكفر بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ـ للإعلام بأن الإيمان ليس أمرا ادعائيا يدخل فيه كل من اعتبر نفسه مؤمنا إلّا إذا تحقّقت تلك القواعد والأركان الّتي أعدّ الله تعالى لهذه الأمة.
والآيات الشريفة ذات صلة بالآيات المباركة السابقة من حيث أنّها تشرح الإيمان وتبيّن التقوى بيانا كافيا.