السابع : يستفاد من قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) أنّ المنافق بحكم الكافر ، وأنّهما يشتركان في العذاب وإن اختلفا في شدّته ، فإنّ المنافق في الدرك الأسفل من النار.
الثامن : يستفاد من قوله تعالى : (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) أنّ الله تعالى وعد المؤمنين بإحباط جميع محاولات الكافرين للتسلّط عليهم والاستيلاء على منافعهم ، فإنّهم أقوى حجّة وأسدّ رأيا وأثبت عزيمة وأشدّ ثباتا ، فلا يضرّهم استيلاؤهم برهة من الزمن على المؤمنين.
التاسع : يستفاد من قوله تعالى : (أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً) أنّ العذاب الإلهي إنّما يكون عن حجّة ملزمة للمعذّبين ، فكل ضلال وسخط إلهي ـ سواء أكانا في الدنيا أم في الآخرة ـ إنّما يكون عن حجّة واضحة يجعلها العباد على أنفسهم بسبب أعمالهم ، فتكون من قبيل المقابلة والمجازاة ، فلن يبدأ الله تبارك وتعالى بعذابهم أبدا ، فالعذاب أو ما يستوجبه من الضلال والمعاصي إنّما يكون من قبلهم.
فما يظهر من بعض الآيات المباركة من إسناد العذاب إليه عزوجل ، إنما يكون من قبيل إسناد الأثر الى موجده ، وأما السبب في الاستحقاق والأهلية فمن ناحية العبد.
العاشر : تدلّ الآية الشريفة (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ) أنّ أمر التوبة من النفاق شديد ـ وليست كسائر المعاصي ـ فلن تتحقّق إلّا مع الشروط المذكورة ، كما عرفت من أنّ النفاق مرض عضال يفسد النيّة والعقيدة ويؤثّر في النفس والعمل ، وقد تكفّلت هذه الشروط جميع تلك الجوانب كما عرفت في التفسير.
الحادي عشر : يستفاد من قوله تعالى : (فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) أنّ المنافق إذا طهّر قلبه عن النفاق وأخلص عقيدته بالتوجّه إليه تعالى ، يكون مع المؤمنين لا امتياز بينهم وبينه ، وأنّ أوزاره ذهبت بالتوبة الّتي استجمعت تلك الشروط ، ولعلّ