أقول : على فرض صحّة الحديث إنّ المراد من قوله تبارك وتعالى نوع من الإلهام الفطري لخلقه حتّى لا يستلزم أي محذور ، وإنّ العزّة فيه جلّ شأنه هي بمعناها الحقيقي الواقعي ، أي الغالب الّذي لا يغلب أصلا ، وإنّه يهب العزّ لمن يشاء من عباده ؛ لكرمه وجوده ، ومن أسمائه تعالى (المعزّ).
وأما أن إطاعته تستلزم عزّ الدارين ، فإنّه من باب الترتّب المسبّب على السبب ، فإنّ الانقياد الى العزيز الفياض يوجب ذلك.
وفي تفسير علي بن إبراهيم في قوله تعالى : (أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) قال : نزلت في بني امية حيث حالفوهم على أن لا يردّوا الأمر في بني هاشم. ثم قال : (أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ) يعني : (القوة).
أقول : الرواية من باب التطبيق والجري لا الحصر والتخصيص.
وفي تفسير علي بن إبراهيم أيضا في قوله تعالى : (أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها) قال : «آيات الله هم الأئمة عليهمالسلام».
أقول : إنّ ذلك من باب ذكر أكمل المصاديق وأجلّها ، وإلّا فإنّ آيات الله تشمل كلّ خلق يدلّ على وحدانيته وقيّوميته الجامعة لجميع صفات الكمال ، بل إنّ نظام الكون يدلّ على ذلك.
وفي الكافي بإسناده عن شعيب العقرقوفي قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قوله عزوجل : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها) الى آخر الآية فقال : إنّما عنى بهذا الرجل يجحد الحقّ ويكذب به ويقع في الأئمة ، فقم من عنده ولا تقاعده كائنا من كان».
أقول : ومثله ما عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام إلّا أنّ فيه : «ويقع في أهله» ، والرواية من باب التطبيق ، والنهي عن المجالسة من باب النهي عن المنكر ومن مراتبه ، فإنّ العنصر الفاسد الّذي يعلم بالحقّ ويجحده لا بدّ من مقاطعته ـ إن لم تؤثّر فيه المراتب المذكورة في كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ حتّى لا يفسد المجتمع.