الى الصلاة قاموا كسالى ، يراؤن الناس أنّهم مؤمنون : (وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً* مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ) أي : لم يكونوا من المؤمنين ولم يكونوا من اليهود».
أقول : المراد من عذاب الله تعالى للعاصين والخادعين هو جزاء أفعالهم الشنيعة ، أو ما يترتّب على أعمالهم السيئة ، سواء كان ذلك وضعيّا أم غيره ، ففي الأثر : «يلقى على كلّ مؤمن ومنافق نور يمشون به يوم القيامة حتّى إذا انتهوا الى الصراط طفئ نور المنافقين ، فيقومون في ظلمهم ، ومضى المؤمنون بنورهم» ، فكلّ من الطائفتين نال جزاء عمله ، أو من باب أثره الوضعي ، فخديعة الله تعالى في الحقيقة ليس إلّا الجزاء ، ففي المؤمن حسنة ، وفي المنافق كعمله خديعة ، وأمّا ذيل الرواية فمن باب ذكر أجلى صفات المنافقين في أفعالهم الخارجية وهي الرياء لعدم رسوخ الإيمان واستقراره في قلوبهم. وقريب منها ما عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام.
وفي الكافي بإسناده عن أبي المعزى قال : «قال أمير المؤمنين عليهالسلام : من ذكر الله عزوجل في السرّ ، فقد ذكر الله كثيرا ، أنّ المنافقين كانوا يذكرون الله علانية ولا يذكرونه في السرّ فقال الله عزوجل : (يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً)».
أقول : المراد من ذكر الله تعالى في السرّ هو الفرائض الواجبة على المؤمن ، وسمّي بذلك لأنّها بين العبد والمولى فقط لا يطّلع عليها أحد ، وفي حديث معاذ بن جبل في قوله تعالى : (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) [سورة الطارق ، الآية : ٩] قال : «سألت النبي صلىاللهعليهوآله ما هذه السرائر الّتي تبلى بها العباد يوم القيامة؟ قال صلىاللهعليهوآله : سرائركم من الصلاة والصيام والغسل من الجنابة وكلّ مفروض ، فالأعمال كلّها سرائر خفيّة ، فإن شاء قال : صليت ، ولم يصل» ، فالمؤمن مع الله تعالى دائما في السرّ بأداء الفرائض.
وفي صفات المؤمن : أنّ سرّه وعلانيته واحد بخلاف المنافق ، فيختلف كلّ منهما حسب مصلحته الشخصيّة.