والذكر أعمّ من الذكر اللفظي والقلبي أي التوجّه ، أو العملي كالصلاة والحجّ وغيرهما كما مرّ ذلك. والمنافق إنّما يذكر الله علانية لأجل إغواء المؤمنين ، ولجلب منفعته ومصلحته ، وليست الرواية في مقام بيان قلّة الذكر وتحديده.
وفي الكافي بإسناده عن زرارة قال : «قال أبو جعفر عليهالسلام : لا تقم الى الصلاة متكاسلا ولا متناعسا ولا متثاقلا ، فإنّهما من خلال النفاق ، فإنّ الله تعالى نهى المؤمنين أن يقوموا الى الصلاة وهم سكارى ، يعني سكر النوم ، وقال للمنافقين : (وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً).
أقول : الكسل هو ثقل انبعاث النفس للخير مع استطاعتها على ذلك ، بخلاف العجز ، والوجه في تكاسل المنافقين في خصوص الصلاة لأنّها من الشعيرة الّتي بها يتميّز المسلم عن غيره ، وهي الرابطة الكاملة بين العبد ومولاه ؛ ولذلك كانت الصلاة عليهم ثقيلة ، بخلاف المؤمن فيجد فيها الراحة والعروج له.
والخلال : جمع خلّة كالخصلة والخصال لفظا ومعنى ، أي : أنّ التكاسل والتثاقل من خصلة النفاق وعلائمه.
وفي العيون بإسناده عن الحسن بن فضال قال : «سألت علي بن موسى الرضا عليهالسلام عن قوله تعالى : (يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ)؟ فقال : الله تبارك وتعالى لا يخادع ، ولكنه يجازيهم جزاء الخديعة».
أقول : هذه الرواية تدلّ على ما ذكرناه آنفا بالوضوح.
وفي العيون أيضا بإسناده عن مسعدة بن زياد عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهماالسلام : «انّ رسول الله سئل : فيم النجاة غدا؟ فقال : إنّما النجاة غدا في أن لا تخادعوا الله فيخدعكم ، فإنّه من يخادع الله يخدعه ويخلع منه الإيمان ونفسه يخدع لو يشعر ، فقيل : له كيف يخادع الله؟ قال : يعمل بما أمره الله عزوجل ثم يريد به غيره ، فاتّقوا الرياء فإنّه شرك بالله عزوجل ، إنّ المرائي يوم القيامة ينادى بأربعة أسماء : يا كافر يا فاجر يا غادر يا خاسر ، حبط عملك وبطل أجرك ولا خلاق لك اليوم ، فالتمس أجرك ممّن كنت تعمل له».