وفيه أيضا عن الترمذي في نوادر الأصول عن زيد بن أرقم قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : وما أخلص عبد لله أربعين صباحا ، إلّا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه».
أقول : للإخلاص آثار وضعيّة كثيرة ، منها ما تقدّم في الرواية ، وكان بعض مشايخنا في العرفان (رحمة الله تعالى عليه) يدّعي التجربة في ذلك.
ومنها : البعد عن المشقّة بكثرة العمل ، فعن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله لمعاذ بن جبل : «أخلص دينك يكفيك القليل من العمل».
ومنها : النيل الى مقام تربية الخلق ونجاتهم من عذاب الجهل وهلاك النفس ، فعن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «طوبى للمخلصين ، أولئك مصابيح الهدي تنجلي بهم كلّ فتنة ظلماء».
ومنها : امتيازهم عن سائر الناس بعدم سؤالهم من غيره تعالى وإقرارهم بالعبوديّة ، والتوكّل عليه وخوفهم منه تعالى ، كلّ ذلك دلّت عليه الروايات.
ومنها : حصول الثقة في جميع أعماله ، والبعد عن القنوط واليأس ، الى غير ذلك من الآثار الوضعيّة المذكورة في كتب الأخلاق.
وأمّا تقييد الرواية بالصباح ، فقد تقدّم في البحث الفلسفي في قوله تعالى : (وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) [سورة البقرة ، الآية : ٥١] ما يتعلّق بذلك.
والتقييد بأربعين فلعلّه أنّ لهذا العدد خصوصية في تهذيب النفس ، أو به يحصل الانقطاع الكامل إليه جلّت عظمته ، والله العالم.
وفي الدرّ المنثور عن زيد بن أرقم قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من قال : لا إله إلّا الله مخلصا دخل الجنّة ، قيل : يا رسول الله وما إخلاصها؟ قال : أن تحجزها عن المحارم».
أقول : الروايات في ذلك مستفيضة مذكورة في جوامع الشيعة والسنّة ، ولا شكّ أنّ التوحيد لو كان عن عقيدة كاملة وإخلاص يوجب الفوز بنعيم الجنّة ؛ لأنّ للإخلاص أثره ، ومنه الحجز عن المحارم.