وعن البيهقي في سننه بإسناده عن أبي ذرّ : «انّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان ، وجعل قلبه سليما ، ولسانه صادقا ، ونفسه مطمئنة ، وخليقته مستقيمة ، واذنه مستمعة ، وعينه ناظرة ، فأمّا الاذن فقمع ، والعين مقرة لما يوعي القلب ، وقد أفلح من جعل قلبه واعيا».
أقول : الروايات في مضمون ذلك كثيرة جدا في جوامع الشيعة والسنّة ، وإنّ ما ذكره صلىاللهعليهوآله من صفات المخلصين ولا شكّ أنّ لكلّ منها مراتب ودرجات.
والقمع ـ بفتح القاف وكسر الميم ـ هو الإناء الّذي يترك في رءوس الظروف لتملأ بالمايعات من الأشربة والأدهان ، فيسقى به أو يفرغ منه في ظرف آخر. وإنّما شبه صلىاللهعليهوآله السمع الّذي يسمع القول ولا يحفظه ولا يعنيه به ، لأنّ القول يمرّ على السمع بلا درك وإصغاء ، كما يمرّ الشراب في القمع اجتيازا.
والعين مقرة لما يوعى القلب ، أي : تكشف بالعين وتظهر ما وعاه القلب ، وهو كناية عن أنّ السرائر لا محالة تنكشف.
وهناك روايات اخرى وردت في شأن نزول الآيات المباركة لا حاجة الى نقلها بعد ما عرفت مكرّرا أنّها من باب الجري والتطبيق ، والله العالم.
بحث فقهي
تستفاد من الآيات المباركة بضميمة السنّة الشريفة الشارحة لها القواعد الفقهيّة التالية :
الاولى : قاعدة «حرمة الإعانة على الإثم» ؛ للنهي الوارد في قوله تعالى : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) ، فإنّ الكفر والاستهزاء بآياته عزوجل من مصاديق الإثم والظلم ، فيشمل غيرهما ممّا هو منهي عنه ويكون إثما.